وكان أبو بكر وعمر قد جمعا القرآن ولم يكن عندهما مشكلة، وكانا يتوثقان من السورة بشاهدين من الأصحاب.
إذن لماذا لم يفعلا مثل هذا مع الحديث؟ خاصة وأن الأصحاب واثقون من أحاديثهم. وإذا لم يكن واثقا من الأحاديث التي رواها بنفسه، فكيف رد بها فاطمة الزهراء (عليها السلام) وخالف القرآن والأصحاب بحديث يرويه هو وحده: " نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة "؟!
إذن هدف أبي بكر من إحراق الحديث لم يكن كما ذكره هو لعائشة، بل الهدف هو نفسه الذي ذكره عمر وأبو بكر ورفاقهم للنبي (صلى الله عليه وآله) في يوم الخميس:
حسبنا كتاب الله.
ذكر الحافظ الذهبي في كتابه تذكرة الحفاظ: " أن الصديق (أبا بكر) جمع الناس بعد وفاة نبيهم (صلى الله عليه وآله) فقال: إنكم تحدثون عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أحاديث تختلفون فيها والناس بعدكم أشد اختلافا، فلا تحدثوا عن رسول الله شيئا.
فمن سألكم فقولوا: بيننا وبينكم كتاب الله، فاستحلوا حلاله وحرموا حرامه (1). إذن نظرية أبي بكر هي نفس نظرية عمر وقريش حسبنا كتاب الله.
ولما قام عمر بالأمر نهى عن كتابة الحديث، وكتب إلى الآفاق أن من كتب حديثا فليحرقه (2).
وعن يحيى بن جعدة قال: أراد عمر أن يكتب السنة، ثم بدا له أن لا يكتبها، ثم كتب إلى الأمصار: من كان عنده شئ فليمحه (3).
وعن القاسم بن محمد بن أبي بكر قال: إن الأحاديث كثرت على عهد عمر