الكتب في فتوحات البلاد (1).
فلما سيطر عمرو بن العاص على مصر بعد فتحها، وجد فيها مكتبة كبيرة تقدر بخمسين ألف كتاب. وقد طلب العالم يحيى النحوي من عمرو بن العاص كتب الحكمة التي جمعها من بلدان مختلفة بواسطة ابن زمرة، ثم بدأ بجمع كتب السند والهند وفارس وجرجان والأرمن وبابل والموصل والروم...
وهذه الكتب لم تزل محروسة محفوظة يراعيها كل من يلي الأمر من الملوك وأتباعهم إلى وقتنا هذا. فاستكثر عمرو ما ذكره يحيى النحوي وعجب منه وقال له: لا يمكنني أن آمر بأمر إلا بعد استئذان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وكتب إلى عمر وعرفه بقول يحيى الذي ذكر. واستأذنه ما الذي يصنعه فيها، فورد عليه كتاب عمر يقول فيه:
أما الكتب التي ذكرتها فإن كان فيها ما يوافق كتاب الله ففي كتاب الله عنه غنى، وإن كان فيها ما يخالف كتاب الله تعالى؟ فلا حاجة إليها. فتقدم بإعدامها...
فشرع عمرو بن العاص في تفريقها على حمامات الإسكندرية وإحراقها في مواقدها، وذكرت عدة حمامات يومئذ ونسيتها فذكروا أنها استنفدت في مدة ستة أشهر. ومؤسس تلك المكتبة هو بطليموس الأول، وهو الذي بنى مدرسة الإسكندرية المعروفة باسم الرواق، وجمع فيها علوم تلك الأزمان من فلسفة ورياضيات وطب وحكمة وآداب وهيئة (2).
وضرب عمر مسلما أصاب كتابا فيه العلم: " فبعد فتح المدائن أتى رجل من المسلمين إلى عمر فقال: إنا لما فتحنا المداين أصبنا كتابا فيه علم من علوم الفرس وكلام معجب.