الرسول (صلى الله عليه وآله). لقد أدرك عمر وأبو بكر وأبو عبيدة أن الأنصار قوة كبيرة، يحسب لها حساب في المدينة المنورة، وأي خليفة منتخب يجب أن يحصل على تأييدها، للوصول إلى السلطة، فهم أكثر من نصف سكان المدينة.
وفي الأنصار الصحابة الكرام، الذين اشتركوا في معركة بدر، واحد، وخيبر وحنين، وغيرها. وهم الذين بايعوا بيعة الرضوان والعقبتين، ونصروا الرسول (صلى الله عليه وآله) والمهاجرين بأموالهم، وأنفسهم، وجهودهم. ولو مال الأنصار بأجمعهم إلى أي طرف لمالت كفته، وحقق أهدافه. وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): آية المنافق بغض الأنصار، وآية المؤمن حب الأنصار (1).
وعن البراء أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال في الأنصار: لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق. من أحبهم أحبه الله ومن أبغضهم أبغضه الله (2).
وكانت خطة أبي بكر وعمر وابن الجراح تتمثل في إقصاء هذه الطائفة عن الخلافة، بصورة أساسية وجذرية كي لا ينافسوا قريشا أبدا.
وقد أدركوا أن هذا لا يتم بأدلة قبلية، ولا حجج عقلية، ولا براهين عرفية، بل يتم بأحاديث نبوية...
فجاؤوهم بحديث: الخلفاء من بعدي اثنا عشر كلهم من قريش، والأمراء من بعدي اثنا عشر كلهم من قريش.
وفي الواقع هذا الحديث هو امتداد لحديث الثقلين، إذ قال (صلى الله عليه وآله): إني تارك فيكم الثقلين، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وأحدهما أكبر من الآخر، وأنهما لن يفترقا إلى يوم القيامة (3).