أي: لو أن أحدا شك في وجود الله ولم ينكر وجوده عز وجل فليس كافرا، إنما الكافر من ينكر وجود الله تعالى مع قيام الشك في نفسه وعجزه عن الاستدلال على عدم وجوده سبحانه وتعالى.
جاء في تفسير العياشي نقلا عن الإمام الصادق أو الإمام الباقر (عليهما السلام) (1) في شأن إبراهيم (عليه السلام) لما جن عليه الليل ورأى كوكبا، قال: هذا ربي.
إنما كان طالبا لربه ولم يبلغ كفرا، وإنه من فكر من الناس في مثل ذلك فإنه بمنزلته. (2) أي: إن من يبحث ليحصل معرفة الله تعالى ليس كافرا، بل هو كالنبي إبراهيم (عليه السلام).
وقد رويت عن الإمام علي (عليه السلام) في شأن الجاهل الذي لا يدعي العلم رواية تسترعي النظر بما تتضمنه من نقطة لطيفة، وهي أنه قال:
لو أن العباد حين جهلوا وقفوا لم يكفروا ولم يضلوا. (3) أما النكتة الجديرة بالاهتمام في هذه الرواية فهي - طبقا لقول الإمام (عليه السلام) - أن توقف الجاهلين عن إبداء الرأي بالنسبة للحقائق المجهولة لهم لا يقتصر على إعفائهم من داء الكفر فقط، بل سيحول دون أن يضلوا أيضا، يعني أن الجاهل بتوقفه وإمساكه عن إظهار نظره، يجذبه التحقيق والبحث عن الحقيقة تدريجيا، فإن استقر على طريق التحقيق وكان هدفه الوصول إلى الحقيقة فإنه في مجال أصول العقائد سينجو من الضلال ويظفر بالحقيقة بأيد من الإمدادات الإلهية.