فالإنسان - كما يستشف من هذه الأحاديث - يتمتع في وجوده الذاتي بطاقة نورانية تعتبر بمثابة الحياة للروح، وهذه الطاقة إذا كتب لها النماء والتهذيب يتمكن الإنسان في ظلها من إدراك حقائق الوجود، والتمييز بين الحقائق الحسية والغيبية، واستجلاء الحق من الباطل، وفرز الخير من الشر، ومعرفة الصالح من الطالح. وإذا أتيح تقوية هذه الطاقة النورانية وهذا الشعور الخفي، يتسنى للإنسان عند ذاك اكتساب إدراكات تفوق التصور، حتى أنه يصبح قادرا على سبر أغوار عالم الغيب ببصيرة غيبية، ويتحول الغيب أمامه إلى شهود. (1) وهذه المرتبة من العقل هي التي عبرت عنها النصوص الإسلامية بمرتبة اليقين.
2. مبدأ التفكير:
إن الاستخدام الآخر للعقل في النصوص الإسلامية يتمثل في النظر إليه كمبدأ للتفكير، ويعرف العقل في مثل هذه الموارد كمنشأ للفطنة والفهم والحفظ (2)، وموضعه الدماغ. (3) وتعتبر الآيات والأحاديث التي تحث الإنسان على التعقل والتفكير، وكذا الأحاديث التي تطرح العقل التجريبي وعقل التعلم إلى جانب عقل الطبع وعقل الموهبة، نماذج لاستخدام كلمة العقل بمعنى مبدأ التفكير.
3. الوجدان الأخلاقي:
وهو قوة كامنة في أعماق ذات الإنسان تحثه على التحلي بالفضائل الأخلاقية وتردعه عن ركوب الرذائل. أو يمكن القول بعبارة أخرى: إنه شعور بانجذاب فطري نحو الفضيلة ونفور تلقائي من الرذيلة.