فلو افترض الإنسان نفسه في معزل عن جميع المعتقدات والتقاليد والأعراف الدينية والاجتماعية، فإذا تصور مفاهيم العدل والجور، والخير والشر، والصدق والكذب، والوفاء بالعهد ونقض العهد، فإن فطرته تحكم بأن العدل والخير والصدق والوفاء بالعهد جميل، بينما الظلم والشر والكذب ونقض العهد قبيح. (1) إن الشعور بالميل إلى الفضائل والنفور من الرذائل يعتبر من وجهة نظر القرآن إلهاما إلهيا، حيث ورد في القرآن الكريم:
(ونفس وما سواها * فألهمها فجورها وتقواها). (2) وهذا الشعور أو هذا الإلهام يشكل الحجر الأساس في الهدية المعرفية التي وهبها الباري تعالى للإنسان، وقد أطلقت النصوص الإسلامية على مبدئها - الذي هو ذلك الشعور الخفي الذي يغرس في ذات الإنسان ميلا إلى القيم الأخلاقية - اسم العقل، وكل القيم الأخلاقية الأخرى بمثابة جنود للعقل، أما الرذائل فتعتبر جنودا للجهل. (3) قضية تسترعي الانتباه:
جاء في بعض الكتب حديث ينسب إلى الإمام علي (عليه السلام) في تفسير العقل، يتطابق مع أحد المعاني التي تذهب إليها الفلسفة في تفسيرها للعقل، ونص الحديث كالآتي:
قال السائل: يا مولاي، وما العقل؟
قال (عليه السلام): " العقل جوهر دراك محيط بالأشياء من جميع جهاتها، عارف