فيؤمن بما يميل إليه قلبه ويعتقد ما يرغب فيه فؤاده.
فلو أمعنا النظر قليلا لتبين لنا أن هذا النوع من حرية العقيدة غير ممكن عقلا، فلا عقائد الإنسان وتصديقاته خاضعة لاختياره، ولا هي خاضعة لاختيار غيره، ولا في وسع الإنسان أن يعتقد بما يشاء على الإطلاق، ولا في وسع أحد أن يرغمه على عقيدة ما، وذلك لأن العقيدة ليست كالأزياء يختار الإنسان منها ما يشاء ويرفض، كما وأنه ليس هناك من يجبره على ارتداء هذا أو ذاك.
الاعتقاد لدى الإنسان شئ كالحب. والعشق والتعلق والمحبة أمور خارجة عن إرادة العاشق، فلا هو يستطيع أن يعشق هذا أو لا يعشق ذاك، ولا هو في اختيار أحد ليحمله على عشق دون عشق، وإذا كان الوقت نهارا فكيف يتأتى له أن يؤمن بأنه ليل، وهل في إمكان أحد أن يجبره على تغيير عقيدته، نعم، قد يضطر أحد إلى قول بخلاف عقيدته، أما أن يغير اعتقاده وما آمن به فهذا محال.
في عام 1632 ميلادي وضع جاليلو كتابا عن عقائد بطليموس وكوبرنيك.
وبعد عام من ذلك دعاه البابا إلى روما وأبلغه أن اعتقاده بدوران الأرض حول الشمس شرك، وأجبره على الجلوس على ركبتيه وطلب المغفرة، وقيل: إن جاليلو نفذ ما طلب منه البابا، ولكنه عندما خرج من عنده شوهد وهو يكتب على الأرض بإصبعه: " رغم كل هذا... الأرض تدور حول الشمس ". (1) وإنها لحالة واحدة يمكن فيها للعقيدة أن تقبل التغيير، وهي عندما يتغير منشأها والمحيط الذي نشأت فيه، فلو أن منشأها كان التحقيق فقد يواجه المحقق على مدى تحقيقه بدلائل تثبت بطلان عقيدته السابقة، ولو أن منشأها كان التقليد