وقد تقدم ان الأديان الإلهية بمنزلة المراحل الدراسية التي تتدرج وفقا لمستوى استيعاب الناس وتكاملهم الذهني، حتى يبلغ العقل النوعي لديهم حدا يمكنهم ببذل الجهد في استخراج القوانين لكل موضوع جديد من ذلك التشريع الذي يفوق الاعصار والأمصار، فعندها لا تمس الحاجة إلى نبي أو دين جديد، ويكون الدين الموجود هو خاتم الأديان الإلهية، ونبيه هو خاتم الأنبياء.
وفي الحقيقة ان الدين الاسلامي المقدس في سلسلة الأديان الإلهية بمنزلة المرحلة الدراسية النهائية في السلم التعليمي، هذا مضافا إلى انه بعد ثبوت نبوة النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمانته وصدقه في مدعاه وانه قد ادعى خاتمية شريعته، لا يبقى مجال لظهور نبوة وشريعة جديدة، بل تكون شريعة خاتم الأنبياء إلى قيام الساعة، قال تعالى: (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله و خاتم النبيين). (1) قرأت كلمة " خاتم " بفتح التاء وكسرها، ومعناها بالكسر اسم فاعل من الختم والانهاء، واما بالفتح فتعني آلة الختم التي كان العرب يختمون بها رسائلهم، وكانوا غالبا ما ينقشون أسماءهم على محابسهم، ومنه عرف المحبس بالخاتم أيضا، وعليه طبقا للآية الشريفة يكون النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) خاتم النبوة أو خاتمها الذي يختم به رسالة النبوة.
وما ذهب اليه بعض اتباع الأديان المنحولة من جعل " خاتم " بمعنى الزينة، في محاولة منه لانكار خاتمية الدين الاسلامي وإضفاء الشرعية على دينه،