أن لا يرى في الإسلام ثلما أو هدما، حتى عرف ذلك منه، وكان الخليفة عمر بن الخطاب يقول ويكرر القول: " لا كنت لمعضلة ليس لها أبو الحسن " أو " لولا علي لهلك عمر ".
ولا ينسى موقف الحسن بن علي - عليه السلام - من الصلح مع معاوية بعد أن رأي أن الإصرار على الحرب سيديل من ثقل الله الأكبر ومن دولة العدل بل اسم الإسلام إلى آخر الدهر، فتمحى الشريعة الإلهية ويقضى على البقية من آل البيت، ففضل المحافظة على ظواهر الإسلام واسم الدين، وإن سالم معاوية العدو الألد للدين وأهله والخصم الحقود له ولشيعته، مع ما يتوقع من الظلم والذل له ولأتباعه وكانت سيوف بني هاشم وسيوف شيعته مشحوذة تأبى أن تغمد، دون أن تأخذ بحقها من الدفاع والكفاح، ولكن مصلحة الإسلام العليا كانت عنده فوق جميع هذه الاعتبارات. وأما الحسين الشهيد - عليه السلام - فلئن نهض فلأنه رأى من بني أمية إن دامت الحال لهم ولم يقف في وجههم من يكشف سوء نياتهم، سيمحون ذكر الإسلام ويطيحون بمجده، فأراد أن يثبت للتأريخ جورهم وعدوانهم ويفضح ما كانوا يبيتونه لشريعة الرسول، وكان ما أراد. ولولا نهضته المباركة لذهب الإسلام في خبر كان يتلهى بذكره التأريخ كأنه دين باطل، وحرص الشيعة على تجديد ذكراه بشتى أساليبهم إنما هو لإتمام رسالة نهضته في مكافحة الظلم والجور ولإحياء أمره امتثالا لأوامر الأئمة من بعده.
وينجلي لنا حرص آل البيت - عليه السلام - على بقاء عز الإسلام وإن كان ذو السلطة من ألد أعدائهم، في موقف الإمام زين العابدين