وردت هذه الرواية بمضامين مختلفة في مصادر الخاصة والعامة: (خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وقد أخذ بيد فاطمة عليها السلام وقال: من عرف هذه فقد عرفها، ومن لم يعرفها فهي فاطمة بنت محمد، وهي بضعة مني، وهي قلبي الذي بين جنبي، فمن آذاها فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله جل وعلا). (المحتضر للحلي ص 133، وشرح الأخبار: 3 / 30 ح 970، ومناقب ابن شهر آشوب: 3 / 332. وكتاب الأربعين للماحوزي ص 316، عن الفصول المهمة ص 146، واللمعة البيضاء للأنصاري ص 59، عن كشف الغمة: 2 / 94. والبحار: 43 / 54 ح 48).
أنظروا إلى التعبير، فمجلسنا والحمد لله يكفيه إلفات النظر، ما معنى أن يخرج النبي صلى الله عليه وآله آخذا بيد فاطمة عليها السلام؟! إن عمله هذا كعمله في حق علي يوم الغدير، حيث أصعد ذلك الرجل الفريد معه على المنبر، وأخذ بيده ورفعها!
وفي هذا اليوم عندما خرج آخذا بيد فاطمة المرأة الفريدة في العالم، قال: من عرفها فقد عرفها... ومن لم يعرفها فليعرفها!
لاحظوا كيف قدمها النبي صلى الله عليه وآله إلى الأمة، وعرفهم مقامها درجة درجة!
إن لكلامه صلى الله عليه وآله في أنفس مستمعيه وقارئيه جاذبية خاصة منوعة! في المرتبة الأولى قال: بضعة مني. لاحظوا كلمة (بضعة) ثم انتقل إلى الأعلى إلى المرتبة الثانية فقال: (وهي قلبي الذي بين جنبي)! وعندما يقول النبي (أنا) فالأنا هنا غير كلمة بدني، فالبدن مضاف وضمير المتكلم مضاف اليه. هنا تعابير خاصة: بضعة مني، وهي أبلغ من بضعة من بدني، وقلبي الذي بين جنبي غير قلبي، إنها قلب بين جنبي الشخص الذي (إنيته) مبدأ ومنشأ لكل الفضائل البشرية!
الشخص الذي قال وهو الصادق الأمين: (كنت نبيا وآدم بين الماء والطين)! (المناقب لابن شهر آشوب: 1 / 214، ونحوه في مسند أحمد بن حنبل: 4 / 66) معنى أن فاطمة قلب إنسان بهذه الصفة، أنه لو أخذت مني فاطمة فسأبقى بدنا بلا روح! فإلى أين وصلت الصديقة الزهراء عليها السلام حتى بلغت مقاما كهذا، وصارت قلبا بين جنبي علم وعمل! فجنب النبي الأيمن علم، والأيسر عمل!