أنا ممن لبى دعوتك للمجاوبة يا أخ أمين أحسنت كثيرا، ونحن هنا لتحليل الظاهرة كما تفضلت. ومن الأخوة من يريد أن يتعامل مع الناس كل الناس ممن له صلة بالظاهرة. لكننا نريد أن نتعامل مع الإنسان السوي الذي نتحرك لتعميق وعيه لا على حساب العاطفة الكامنة في داخله، ولا على حساب انفعالاته المقدسة، ونتعامل أيضا مع الإنسان الحسيني الثوري لتفجير عاطفته ومشاعره. فالإنسان الواعي المفكر يتعامل بطبعه الذي جبل عليه مع الفكرة، بينما الإنسان العاطفي يتفاعل مع الإثارة العاطفية. وهذا لا يعني أن لا يمتلك الإنسان المفكر الواعي حسا عاطفيا، كما لا يعني أن لا يمتلك الإنسان العاطفي قسطا من الفكر. لكن المشكلة تكمن في تحول الإنسان المتفكر الواعي إلى خشبة جامدة لا عاطفة ولا روح فيها، وكذا يكمن الخطر عندما يتحول الإنسان العاطفي إلى حالة من حالات المراهقة النزقة وانفلات سمج.
إذن بين هذا وذاك هو الإنسان السوي الذي لا تتضخم عاطفته على حساب وعيه، فيقع في حبال مدرسة اللا وعي الجمعي إن صح التعبير، والذي يحرص المنظرون لها على إبقاء الإنسان مغفلا سطحيا، ليتمكنوا من ترويضه وقيادته نحو التخلف. فالموازنة بين الفكر والعاطفة هو المراد في الظاهرة الحسينية. وللعاطفة هنا قنواتها الكثيرة كمجالس العزاء والنعي، واللطم على الصدور، ولبس وإشاعة السواد، كتعبير عن الحزن. ومع المنابر العامرة بمجالس العزاء ومحاضرات الفكر والعقيدة والثورة الحسينية وأهدافها الإصلاحية، تصبح المدى (القامات) أداة تعبير ساذجة جدا لاحتواء الذكرى والنهوض بها.