يعلم بالآثار المتبقية له والرواسب التي حدت بالشارع الأقدس أن يحقر مهنة لها ضرورتها الاجتماعية، ولذا فإن الصهاينة لم يخافوه لأنه طقس عاشوري وزمني محدد، وإنما لإدراكهم الحسي - الذي يشترك فيه معهم غيرهم - أن هذه الممارسات تتبقى أثارها سليطة على النفس، ومخزونة يكون من إفرازاتها غير الطبيعية القساوة والصلافة.. الشئ الذي دلنا عليه الشارع الأقدس في الأصغر صورة وأثرا وذلك هو: مهنة القصابين... وبعين هذا الكلام نعرف أن هذه الظاهرة الخاصة إنما هي مشمولة للكراهة - إن لم نكن سلمنا بالحرمة - لا أنها مشمولة للاستحباب بواسطة صدق الجزع عليه لأن: لكل شئ حدودا إذا خرج عنها لم يكن محمودا!
وقد أخبرني بعض من عاش في العراق لتحصيل العلوم الدينية أن العراقيين أحيانا إذا اشتبكوا.. هدد كل منهم الآخر بالإيواء إلى المنزل وإخراج القامة التي كان يستعملها في سبيل الحسين، وأولاد الحسين، وأصحاب الحسين؟! ولست أريد أن أجعل من هذا دليل ولا تأيدا، إنما الدليل هو ما سمعت قبل هذا. والمحصلة من كل هذا.. من الذي يرسم الحد النهائي للجزع وتعظيم الشعائر؟ إذ لسنا نقبلها في كل صورها والتي منها الانتحار بقصد الأسى والحزن؟ وهل نقطع في الفقيه إذا حدد ذلك أنه اعتمد الدليل الشرعي الذي يختص به ويجب الرجوع إليه فيه بعنوان أنه من أهل الخبرة، أو غير ذلك من المعاير التي يذكرونها في أبحاثهم الفقهية المعمقة.. أو أنه من باب تشخيص الموضوع، وهذا ليس بعزيز في دائرة فتاوى الفقيه، وفيه يعمل حسه العرفي والعقلائي العام الذي لا نتيقن بزيادة حصته علينا فيه.. طبعا هذا الكلام مقرر لدى معاشر الفقهاء أنفسهم.