الفقيه إنما هو للاختصار، إذ طلب منه أن يكتب مؤلفا مختصرا فكتب من لا يحضره الفقيه، وعليه فليس مراده من قوله: قال أمير المؤمنين عليه السلام، أو قال أبو عبد الله عليه السلام هو الاعتبار، بل كان ذلك من أجل الاختصار.
الرواية الثانية: محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد رفعه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يكره السواد إلا في ثلاثة: الخف، والعمامة، والكساء.
الرواية الثالثة: وعنهم، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن بعض أصحابه رفعه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يكره السواد إلا في ثلاث: الخف، والعمامة، والكساء. وهناك روايات كثيرة دلت على كراهة لبس السواد مطلقا. نعم هنا رواية معتبرة للسكوني لها مفاد آخر وهي: عن إسماعيل بن مسلم عن الصادق عليه السلام قال: إنه أوحى الله إلى نبي من أنبيائه قل للمؤمنين: لا تلبسوا لباس أعدائي ولا تطعموا مطاعم أعدائي ولا تسلكوا مسالك أعدائي فتكونوا أعدائي كما هم أعدائي. ونحن نلتزم بمضمون هذه الروايات فنقول: إن اللباس إذا اختص به أعداء الدين فلا يجوز لبسه، مثل القبعة التي يختص بلبسها اليهود. ولكن لباس السواد لم يثبت اختصاص لبسه بأعداء الدين، نعم يمكن ثبوت الإختصاص بخصوص (اللبادة السوداء) فإن لبسها من مختصات علماء اليهود والنصارى، وإذا ثبت ذلك فيها فلبسها حرام.
بقي أمر تعرض له صاحب الحدائق رحمه الله، فإنه بعد أن نقل هذه الروايات قال: (لا يبعد استثناء لبس الأسود في مأتم الحسين عليه السلام من هذه الأخبار، لما استفاضت به الأخبار من الأمر بإظهار شعائر الأحزان...).