هذا، ولكننا في البحث عن قاعدة: التسامح في أدلة السنن في علم الأصول قد قلنا بعدم صحة كلا هذين المعنيين، وإنما المستفاد من الأخبار أن المكلف عندما يصله مطلوبية عمل ما إلى الله سبحانه وتعالى، فإن كان عن طريق صحيح فيأتي به جزما، وأن كان الخبر ضعيفا فيأتي به رجاء وانقيادا.
وهذا الانقياد من العبد موجب لاستحقاق الثواب والتقرب إلى الله سبحانه، ومقدار ذلك الثواب لم يعرف إلا عن طريق التعبد الشرعي، ولا دلالة عليه من جهة العقل أصلا، وأخبار (من بلغ) هي التي بينت مقدار ذلك الثواب وهو نفس ما بلغه، أي المذكور في الخبر.
فمن تيقن بمطلوبية العمل يأتي به انقيادا للمولى بنحو الجزم ويعطي الثواب وإن لم يكن الواصل إليه مطابقا للواقع. ومن لم يحصل له ذلك اليقين لكون الخبر ضعيفا يأتي بالعمل رجاء وانقيادا، لعدم علمه بصدوره من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أو المعصوم عليه السلام، وله ذلك الثواب أيضا.
هذا هو المستفاد من أخبار (من بلغ)، وحاصله: أنه من بلغه ثواب على عمل وأتى به رجاء الحصول على ذلك الثواب يعطى الثواب المذكور وإن كان الخبر ضعيفا وغير جامع لشرائط حجية الخبر.
وأما ما ذكره من التفسيرين السابقين فلا دلالة للأخبار عليهما.
الأمر الثالث: لو تنزلنا وقلنا بدلالة الأخبار على أحد هذين المعنيين، واستفدنا الحكم بالاستحباب أو الكراهة عن طريق أخبار (من بلغ) في الأعمال التي يرد فيها الثواب، إلا أن هنا إشكالا آخر يمنع جريان الأخبار في المقام. وذلك لأن أخبار (من بلغ) إنما تدل على الكراهة في موارد النهي التكليفي، وليس النهي في ما نحن فيه كذلك، بل هو إرشاد إلى كون الفرد