مع كل الاحترام لك ولما تقول، فإن الآيات التي ذكرتها تنهى عن موالاة الظالمين والكافرين فقط. وآية: إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون. فلا تدل بظاهرها على وجوب اللعن، وهي ليست كآية المطلقات: والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء. لأن الآية الثانية إخبار لا يمكن أن يكون معناه إلا الأمر بأن تعتد المطلقات بثلاثة قروء، والآية الأولى ليست كذلك إذ من القريب أن يكون معناه الإخبار بأنهم ملعونون، لا سيما أن اللاعنين قد يكونوا الملائكة الذين يسجلون خيانتهم للأمانة التي تحملوها بالعلم الديني الذي درسوه.
لو فرضنا جدلا أني كنت أقصد تجميد العمل بالآيات التي تنهى عن ولاء الكافرين والظالمين من أجل عدم إيجاد فتنة بين المسلمين، معاذ الله أن أقول هذا، فلماذا أسامح الذين قالت عنهم جدتي الصديقة فاطمة الزهراء عليه السلام: وسيعلم التالون غب ما أسس الأولون. فإذا رأينا أحدا لا يستطيع القصاص من شخص اعتدى عليه فسكت عنه ولم يرد أن يثير عشيرته عليه، فهل يسبق إلى ذهننا أنه عفا عنه؟! إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم. وهذه الآية لا لبس في معناها، إذ يمكننا أن نطرح ظلامة أهل البيت عليه السلام للناس بأساليب راقية، حتى تدخل في القلوب ولا ندع لأحد علينا عذرا كما قال علي عليه السلام: ولكنكم لو وصفتم أعمالهم وذكرتم حالهم كان أصوب في القول وأبلغ في العذر، وقلتم مكان سبكم إياهم: اللهم احقن دماءنا ودماءهم، وأصلح ذات بيننا وبينهم، وأهدهم من ضلالتهم حتى يعرف الحق من جهله ويرعوي عن الغي والعدوان من لهج به. والكلام هنا لا يخص السب فهو عام كما ترى، وكما ورد في التعليل بأن ذلك حتى يرعوي عن الغي والعدوان من لهج به، فاللعن والسب تثير في