جهاد النساء غض الأطراف وضم الذيول، ما كنت قائلة لرسول الله صلى الله عليه وسلم لو عارضك ببعض الفلوات ناصة قعودا من منهل إلى منهل.
وغدا تردين على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقسم لو قيل لي: يا أم سلمة ادخلي الجنة لاستحييت أن ألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم هاتكة حجابا ضربه علي، فاجعليه سترك وقاعة البيت حسنك.
وقد ردت عليها عائشة فقالت: من عائشة، أم المؤمنين إلى أم سلمة، سلام عليك، فإني أحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو، أما بعد فما أقبلني لوعظك، واعرفني لحق نصيحتك، وما أنا بمعتمرة بعد تعريج - يعني وما أنا راجعة إلى مكة بعد أن خرجت منها - ولنعم المطلع فرقت به بين فئتين متشاجرتين من المسلمين، فإن أقعد فعن غير حرج، وإن أمض فإلى ما لا غنى لي عن الازدياد منه.
إلى أن قال:
ولنرجع بعد ذلك إلى طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام، إنهما من أصحاب رسول الله الأجلاء. ولهما في تاريخ الإسلام بلاء وكفاح. وقد توفي الرسول صلى الله عليه وسلم وهو راض عنهما، وكان ذلك هو الأساس الذي سوغ لعمر بن الخطاب في آخر لحظات حياته أن يجعلهما في ضمن الستة الذين يختار الخليفة من بينهم، فما الذي أخرجهما على علي بعد أن بايعاه والبيعة عهد الله المسؤول.
لقد ذكرت بعض المراجع التاريخية أن الزبير كان يطمع في ولاية العراق وطلحة في ولاية اليمن. فلما أرسل علي الولاة ولم يكن لهما حظ في الولاية نقما عليه وتكلما في شأنه وندما على بيعتهما فاستأذنا عليا في الخروج إلى مكة لأداء العمرة، ولكنه لم يخف عليه أمرهما فقال لهما: والله ما العمرة تريدان.
وإذن فقد كانت المطالبة بالقصاص من قتلة عثمان ستارا يخفون تحته أغراضهم في الحكم والسلطان وانتزاع الخلافة من علي.