الأنباء بقرب وصولهم أرسل إليهم عمران بن حصين وأبا الأسود الدؤلي ليستطلعا خبرهم، وقد اتصلا بعائشة وقالا لها: إن أميرنا بعثنا إليك لنسألك عن مسيرك فهل أنت مخبرتنا؟ فقالت: والله ما مثلي يغطي لبنيه الخير، إن الغوغاء من أهل الأمصار ونزاع القبائل غزوا حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحدثوا فيه وآووا المحدثين، فاستوجبوا لعنة الله ولعنة رسول الله صلى عليه وسلم مع ما نالوا من قتل إمام المسلمين بلا ترة ولا عذر، فاستحلوا الدم الحرام وسفكوه، وانتهبوا المال الحرام، وأحلوا البلد الحرام والشهر الحرام، فخرجت في المسلمين أعلمهم ما أتى هؤلاء الناس فيه وراءنا، وما ينبغي أن يكون لإصلاح هذا الأمر، تنهض في الإصلاح بما أمر الله ورسوله، الصغير والكبير والذكر والأنثى إلى معروف نأمركم به ومنكر ننهاكم عنه ثم قرأت (لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما).
فخرج عمران وأبو الأسود من عندها فأتيا طلحة فقالا له: ما الذي أقدمك؟ قال:
الطب بدم عثمان، فقالا: ألم تبايع عليا؟ فقال: بلى، بايعته والسيف على عنقي. ثم أتيا الزبير فقالا له مثل قولهما لطلحة، وقال لهما مثل قول طلحة، فرجع الرجلان إلى عثمان بن حنيف فأخبراه يما ظهر لهما وبما يتوقعان من شر وفتنة، فقال عثمان وقد أخذه العجب واستبد به الألم: إنا لله وإنا إليه راجعون، دارت رحى الإسلام ورب الكعبة فانظروا كيف تجري الأمور. ثم نادى عثمان في الناس وأمرهم بأن يلبسوا السلاح ويتجهزوا للقتال.
وقد وقف الفريقان وجها لوجه والتقى المسلمون بسيوفهم، ولسنا نحب أن نخوض بكم في أحشاء تلك المعركة ولكنها كانت معركة حامية وانجلت عن قتل من غزوا المدينة وهم هؤلاء الذين كانوا حرضوا على قتل عثمان أو اشتركوا في تلك الفتنة من أهل البصرة سوى حرقوص بن زهير السعدي فإن عشيرته من بني سعد منعوه لما التجأ إليهم بعد هزيمة أصحابه. وقد قبض على عثمان بن حنيف وضرب بالسياط