هذه الموقعة، وهناك أدلة كثيرة تقود إلى هذه النتيجة، فمن ذلك ما روي أن عليا قال للزبير: كنا نعدك من بني عبد المطلب حتى بلغ ابنك ابن السوء، ففرق بيننا. ومن ذلك ما روي أن عليا ذكر الزبير بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم له: ستقاتل عليا وأنت له ظالم، فتذكر الزبير وعزم على أن يدع الحرب، وأعلن عزمه، فجاءه ابنه عبد الله وحمسه بقوله: لعلك خشيت رايات ابن أبي طالب وعلمت أنها تحملها فتية أمجاد وأن تحتها الموت الأحمر، فجبنت.
ولعلنا نستطيع أن نسبق التاريخ فنقرر أن طموح عبد الله بن الزبير استمر يدفعه بعد فشل معركة الجمل لينتهز فرصة أخرى ليضع نفسه خليفة، وقد واتته الفرصة بعد مقتل الحسين في عهد يزيد بن معاوية، فأعلن نفسه خليفة، وظل يكافح عن ملكه المزعوم حتى دفع رأسه ورؤوس الآلاف فداء لهذا الطموح. وقد أوردنا تفصيل ذلك في الجزء الثاني من هذه الموسوعة.
هذه هي العوامل التي دفعت عائشة لتشترك في قيادة الثائرين على علي، أما العوامل التي كانت تعوقها عن الخروج فهي:
1 - شهدت عائشة بكاء الآلاف يوم خرجت من مكة لهذه الرحلة المشؤومة، حتى سمي ذلك اليوم يوم النحيب، ولكن ذلك لم يمنعها من الخروج.
2 - تلقت عائشة خطابا طويلا من أم سلمة تعظها وتذكرها أن خروجها للحرب هتك للحجاب الذي ضربه عليها رسول الله.
3 - أهم من هذا كله الآية الكريمة (وقرن في بيوتكن) التي لم يغب عن عائشة مغزاها.
ولكن دفع عبد الله بن الزبير كان أقوى من كل شئ، فإذا عائشة تفقد كل مقاومة، وإذا بها توضع في الهودج ويمشي بها الركب، وكانت تتجدد فيها المقاومة، ولكن ابن الزبير كان يسرع فيخمد هذا الخاطر، روي أن كلابا نبحتها في الطريق فسألت:
أين نحن؟ فقيل لها: عند ماء الحوأب. فقالت: ما أراني إلا راجعة لأني سمعت