الرسول يقول لنسائه: كأني بإحداكن تنبحها كلاب الحوأب. ولكن ابن الزبير سرعان ما جاءها بمن يقسم لها إن ذلك ليس ماء الحوأب، واستشهد لها ببعض الأعراب وكان قد اكتراهم لذلك.
إلى أن قال:
ووصلت عائشة وطلحة والزبير إلى البصرة، وانضم إليهم خلق كثير، كان فيهم مروان بن الحكم وبعض بني أمية، وأيدها بعض أهل البصرة وعارضها آخرون، ووقعت مناوشات بين الطرفين قتل فيها بضع مئات وبخاصة من معارضي عائشة، ثم قدم علي بجيشه الكبير، وفيه كثيرون من السبئيين ومن الذين اشتركوا في الثورة على عثمان، وحاول علي أن يثني عائشة وأصحابها عن قصدهم، ويذكر الذين بايعوه منهم ببيعتهم، وأوشكت هذه السفارات أن تنجح وأن يكفي الله المؤمنين شر القتال.
ولكن السبئيين الذين أشعلوا الثورة على عثمان وحرضوا على قتله أدركوا أن الصلح بين الطائفتين سيكون على حساب رقابهم، فعقدوا العزم على بدء الحرب، مدركين أن الحرب وحدها هي التي يمكن أن تحميهم من المقصلة، وهكذا بدءوا المعركة في غفلة من علي. وأجابهم أتباع عائشة، والتحم الفريقان.
وكانت معركة عنيفة فر منها الزبير لا جبنا ولا خوفا من الموت، ولكن لعدم إيمانه بأنه على حق فيما أقدم عليه، وعند عودته مر بماء لبني تميم، فرآه الأحنف بن قيس فقال: جمع الزبير هذين العسكرين ثم ولى وتركهما، فثار عمرو بن جرموز لذلك، وكان في مجلس الأحنف، فلحق بالزبير خفية حتى جلس هذا تحت شجرة ليستريح ثم اضطجع وغفا، فقتله عمرو وهو نائم. أما طلحة فيروى أن مروان بن الحكم عندما رآه في مطلع المعركة قال: لا أنتظر بعد اليوم بثأري في عثمان، فانتزع له سهما فقتله. أما عبد الله بن الزبير فقد ضربه الأشتر أحد قادة علي الأشداء حتى سقط، ولكن لم يجهز عليه وبقي في خندق فلم يشترك في معركة بعد ذلك واعتبر