وأفلت منها الزمام فتعرضت للذل والمهانة، ولقد قال لها رجل يقال له جارية بن قدامة السعدي قبل أن تبدأ المعركة: يا أم المؤمنين، والله لقتل عثمان أهون من خروجك من بيتك على هذا الجمل الملعون عرضة للسلاح، وإنه قد كان لك من الله ستر وحرمة فهتكت سترك وأبحت حرمتك، وإنه من رأى قتالك يرى قتلك.
وتقع التبعة كذلك على طلحة والزبير فلقد بايعا عليا ثم نقضا بيعتهما وخرجا عليه، وقد خرجا يتهمان عليا بأنه مقصر في القصاص من قتلة عثمان مع أنهما قد ناقشاه قبل ذلك في هذه المسألة واقتنعا بوجهة نظره ووضح لهما أن عليا معذور في ارجائه عقاب هؤلاء الثوار والقتلة، وقد اتفقت على ذلك جميع المراجع التي تحت أيدينا.
حيث جاء فيها أن طلحة والزبير دخلا على علي في عدد من الصحابة فقالوا: يا علي، إنا قد اشترطنا إقامة الحدود وإن هؤلاء القوم قد اشتركوا في قتل هذا الرجل أي عثمان. فقال: يا إخوتاه إني لست أجهل ما تعلمون، ولكن كيف أصنع بقوم يملكوننا ولا نملكهم، ها هم هؤلاء قد ثارت معهم عبدانكم وثابت إليه أعرابكم، وهو خلاطكم يسومونكم ما شاءوا، فهل ترون موضعا لقدرة على شئ مما تريدون؟
فقالوا: لا، قال: فلا والله لا أرى إلا رأيا ترونه أبدا إلا أن يشاء الله فاهدأوا عني وانظروا ماذا يأتيكم ثم عودوا، فكيف يقتنع طلحة والزبير بعذر علي ثم يخرجان عليه.
ومنهم الفاضل المعاصر محمود شلبي في كتابه " حياة الإمام علي عليه السلام " (ص 407 ط دار الجيل في بيروت) فذكر سبب خروجهم واجتماعهم بمكة ومراجعة عائشة إلى مكة بعد خروجها منها وبعد سماعها بيعة المسلمين لعلي عليه السلام، واجتماع بني أمية حولها وإعانة عبد الله بن عامر الحضرمي لها وقدوم طلحة والزبير إلى مكة من المدينة وارتحالهم من مكة إلى البصرة، وقول جارية بن قدامة لعائشة: يا أم المؤمنين، والله لقتل عثمان