أما والله لهدم النعمة أيسر من بنائها، وما الزيادة إليكم بالشكر بأسرع من زوال النعمة عنكم بالكفر.
وأيم الله، لئن كان فني أكله، واخترم أجله، لقد كان عند رسول الله كزارع البكرة الأزهر، ولئن كانت الإبل أكلت أوبارها فإنه لصهر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولقد عهدت الناس يرهبون في تشديد، ثم قدح حب الدنيا في القلوب، ونبذ العدل وراء الظهور، ولئن كان برك الدهر عليه بزوره، وأناخ بكلكله، إنها لنوائب تترى تلعب بأهلها وهي جادة، وتجد بهم وهي لاعبة، ولعمري، لو أن أيديكم تقرع صفاته لوجدتموه عند تلظى الحرب متجردا، ولسيوف النصر متقلدا، ولكنها فتنة قدحت فيها أيدي الظالمين.
أما والله لقد كان حاط الإسلام وأكده وعضد الدين وأيده ولقد هدم الله به صياصي الكفر، وقطع به دابر المشركين، ووقم به أركان الضلالة، فلله المصيبة به ما أفجعها، والفجيعة به ما أوجعها، صدع الله بمقتله صفاة الدين، وثلمت مصيبته ذروة الإسلام بعده، وجعل لخير الأمة عهده. فقال لها ابن أم كلاب: ولم؟ فوالله، إن أول من أمال حرفه لأنت، ولقد كنت تقولين: اقتلوا نعثلا فقد كفر!.
قالت عائشة: إنهم استتابوه، ثم قتلوه، وقد قلت وقالوا، وقولي الأخير خير من قولي الأول.
وفي شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: إن عائشة رضي الله عنها كانت من أشد الناس على عثمان، حتى أنها أخرجت ثوبا من ثياب رسول الله صلى الله عليه وسلم فنصبته في منزلها، وكانت تقول للداخلين إليها: هذا ثوب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يبل وعثمان أبلى سنته.
وقالوا: إن أول من سمى عثمان نعثلا عائشة، والنعثل: الكثير شعر اللحية والجسد. وكانت تقول: اقتلوا نعثلا، قتل الله نعثلا.
ومنهم الفاضل المعاصر الأستاذ عباس محمود العقاد في " المجموعة الكاملة -