العبقريات الإسلامية " ج 3 ص 230 ط دار الكتاب اللبناني - بيروت) قال:
وألفت نفسها في مكة بين العثمانية والأموية يوم نزلت بها قبيل مقتل عثمان، فعن لها أن ترجع إلى المدينة لتدرك الأمر قبل فواته، ولكنها سمعت في الطريق ببيعة علي فقالت فيما رواه عبيد بن أبي سلمة وهو خؤولتها: ليت هذه انطبقت على هذه إن تم الأمر لصاحبك. مشيرة إلى السماء والأرض. ثم صاحت بركبها: ردوني، ردوني، وجعلت تتوعد في الطريق: أن تطالب بدم عثمان، فقال لها عبيد بن أبي سلمة: ولم؟
والله إن أول من أمال حرفه لأنت، قالت: إنهم استتابوه ثم قتلوه. وقد قلت وقالوا وقولي الأخير خير من قولي الأول.
وما لبثت في مكة قليلا حتى تجمع فيها كل ناقم على علي بن أبي طالب من أعدائه ومنافسيه، فقضت أيامها بمكة بين العثمانية والأموية والولاة الذين أحسوا بزوال الدولة والثروة والذين أوجسوا من حساب الخليفة الجديد، ولحق بهم طلحة والزبير وكلاهما طامح إلى الخلافة يائس من الأنصار في المدينة. فاتفقوا جميعا على كلمة واحدة لا اتفاق بينهم فيما عداها، وهي المطالبة بدم عثمان، لأن المطالبة به تغنيهم عن القدح في الخليفة الجديد، وليس الاتفاق على القدح فيه بمستطاع. وكذلك لذلك ارتفعت الصيحة بدم عثمان.
وفي هذه البيئة غلبت على السيدة عائشة نية الخروج إلى البصرة بتلك الدعوة التي اتفقوا عليها، وأكبر الظن أنها كانت وشيكة أن تحجم عن الخروج إليه لولا غلبة البيئة واجتماع الأصوات من حولها على نداء واحد، فإنها ما عتمت في الطريق أن صدمت أول صدمة حتى همت بالرجوع ثم أصرت عليه لولا احتيالهم في إقناعها بمختلف الحيل.
ومنهم نبيه أمين فارس ومنير البعلبكي في " تاريخ الشعوب الإسلامية " والأصل لكارل بروكلمان الألماني (ص 115 ط دار العلم للملايين - بيروت) قالا: