شرح إحقاق الحق - السيد المرعشي - ج ٣٢ - الصفحة ٤٢٣
ألين منه وإنما طلحة كالنوار عاقصا بقرنه يركب الصعوبة، فاقرءه مني السلام وقل له: يقول لك أن عرفتني بالحجاز وأنكرتني بالعراق فما عدا فيما بدا.
قال ابن عباس: فأتيته فقال: قل له بيننا وبينك عهد خليفة ودم خليفة واجتماع ثلاثة وانفراد واحد وأم مبرورة ومشاورة العشيرة ونشر المصاحف نحل ما أحلت ونحرم ما أحرمت، فقال علي: ما زال الزبير رجلا منا حتى أدرك ابنه عبد الله فلفته عنا وقال طلحة لأهل البصرة وقد سألوه عن بيعته لعلي فقال: أدخلوني في حسلهم ووضعوا الملح في عنقي، وقالوا: بايع وإلا قتلناك.
قوله " الملح " يريد به السيف (1).

(1) وقال العلامة الباعوني المذكور في كتابه (ص 73):
ومن حديث ابن أبي شيبة قال: كان علي يخرج مناديه يوم الجمل فينادي: لا يسلبن قتيل ولا يتبع مدبر ولا يجهز على جريح. وقال علي يوم الجمل للأشتر مالك بن الحارث وكان على الميمنة: احمل، فحمل فكشف من بإزائه، وقال لهاشم بن عتبة أحد بني زهرة بن كلاب وكان على الميسرة: احمل، فحمل وكشف من بإزائه فقال عليه السلام لأصحابه: كيف ترون مضربي وإيماني؟
وعن أبي حاتم قال: أنشدني الأصمعي عن رجل شهد الجمل فقال:
شهدت الحروب فشيبني * فلم تر عيني كيوم الجمل أشد على مؤمن من فتنة * واقبل منه لخرق بطل فليت الظعينة في بيتها * ويا ليت عسكر لم ترتحل وعسكر اسم الجمل الذي وهبه يعلى بن منبه لعائشة وجعل له هودجا من حديد وجهز خمسمائة فارس معها بأسلحتهم، وكان أكثر أهل البصرة مالا وكان علي يقول:
بليت بأقص الناس وأطلق الناس، وأطوع الناس عائشة، وكان راية علي يوم الجمل سوداء وراية أهل البصرة الجمل.
وقال الأعمش: كنت أرى عليا يوم الجمل يحمل فيضرب بسيفه حتى ينتهي ثم يرجع ويقول: لا تلوموني ولوموا هذا، ثم يعود وقومه.
وعن سعيد، عن قتادة قال: قتل يوم الجمل مع عائشة عشرين ألفا منهم ثمانمائة من بني ضبة، وقالت عائشة: ما أنكرت رأس جملي حتى فقدت أصوات بني عدي وضبة وقتل من أصحاب علي خمسمائة رجل لم يعرف منهم إلا عليا بن الحرث السدوسي وهند الجملي قتلهما ابن اليثربي.
وقال في ق 74:
عن عمرو بن مرة قال: سمع عبد الله بن سلمة وكان مع علي بن أبي طالب يوم الجمل والحرث بن سويد وكان مع طلحة بن عبيد الله والزبير فتذاكروا وقعة الجمل فقال الحرث ابن سويد: والله ما رأيت مثل يوم الجمل لقد أشرعوا رماحهم في صدورنا وأشرعنا رماحنا في صدورهم فلو شاءت الرجال أن تمشي عليها لمشت، يقول هؤلاء: لا إله إلا الله والله أكبر، ويقول هؤلاء: لا إله إلا الله والله أكبر، فوالله لوددت أني لم أشهد ذلك اليوم وأنني مقطوع اليدين والرجلين.
قال عبد الله بن سلمة: والله ما سرني إني غبت عن ذلك اليوم ولا عن مشهد شهده علي بن أبي طالب ولو أن لي حمر النعم.
وعن علي بن عاصم عن حصين قال: حدثني أبو جميلة البكائي قال: إني لفي الصف مع علي بن أبي طالب إذ عقر بعائشة جملها، فرأيت محمد بن أبي بكر وعمار بن ياسر يسندان بين الصفين أيهما يسبق إليها، فقطعا عرضة الرجل واحتملاها من هودجها.
قال حصين: وحدثني خالد بن مخلد، عن يعقوب، عن جعفر، عن المغيرة، عن ابن ابزي قال: انتهى عبد الله بن بديل إلى عائشة وهي في الهودج فقال: أنشدك الله أتعلمين أنني أتيتك يوم قتل عثمان فقلت لك: إن عثمان قد قتل فما تأمرينني به فقلت ألزم عليا فوالله ما غير ولا بدل. فسكتت، فأعاد عليها، فسكتت فقال: اعقروا الجمل فعقروه، فنزلت أنا وأخوها محمد بن أبي بكر فاحتملنا الهودج حتى وضعناه بين يدي علي رضي الله عنه فأمر به فأدخل منزل عبد الله بن بديل بن ورقاء.
وقالوا: لما كان يوم الجمل ما كان وظفر علي دنا من الهودج فسلم على عائشة وكلمها فأجابته: ملكت فاسمع، فجهز علي أحسن جهاز وبعث معها سبعين امرأة حتى قدمت المدينة.
وعن عكرمة، عن ابن عباس قال: لما قضى أمر الجمل دعا علي بأحرمين فعلاهما ثم حمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا أنصار المرأة وأصحاب البهيمة زغا فحنيتم وعقر ففررتم، نزلتم بشر بلاد الله أبعدها الله من السماء وجعلها مفيض كل ماء ولها شر أسماء وهي البصرة والبصيرة والمؤتفكة.
وقد مر ابن عباس قال: فدعيت من كل مكان فأقبلت إليه فقال: ليت هذه المرة فلترجع إلى بيتها الذي أمرها الله أن تقر فيه. قال: فاستأذنت عليها، فلم تأذن لي فدخلت بلا إذن ومددت يدي إلى وسادة في البيت فجلست عليها فقالت: بالله يا بن عباس ما رأيت مثلك تدخل علينا بغير إذننا وتمد يدك إلى وسادتنا فتجلس عليها بغير أمرنا! فقال لها: والله ما هو، بيتك الذي خرجت منه وأمرك الله أن تقري فيه فلم تفعلي إن أمير المؤمنين يأمرك أن ترجعي إلى بيتك الذي خرجت منه قالت: يرحم الله أمير المؤمنين ذلك عمر بن الخطاب، قلت: نعم وهذا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب.
قالت: أبيت أبيت، فقلت: والله ما كان آباؤك إلا فواق ناقة نكبة حتى صرت لا تحلين ولا تمرين ولا تأمرين ولا تنهين.
قال: فبكت حتى سمعت نشيجها ثم قالت: ارجع ارجع فإن أبغض البلدان إلى بلد أنتم به. قلت: أما والله ما كان جزاؤنا منك إذ جعلناك للمؤمنين أما وجعلنا أباك لهم صديقا. قالت: أيمن على رسول الله صلى الله عليه وسلم يا بن عباس؟ قلت: نعم والله يمن عليك بمن لو كان منك بمنزلته منا لمنيت به علينا. قال ابن عباس؟ ثم أتيت عليا وخبرته الخبر فقبل بين عيني وقال: بأبي وأمي ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم.
وقال أبو بكر بن أبي شيبة: أول ما تكلمت الخوارج يوم الجمل قالوا: ما أحل لنا دمائهم وحرم علينا أموالهم، فقال علي عليه السلام: هي السنة في أهل السنة في أهل القبلة. قالوا: والله ما ندري هذا. قال: فهذه عائشة أتتساهمون عليها؟ قالوا: سبحان الله هي أمنا فهي حرام علينا. قالوا: فإنه يحرم شأنها ما يحرم منها.
وقال في ق 75:
وقد ذكر بعض المؤرخ في مسير سيدنا علي رضي الله عنه ما صورته ما سنذكره قال: أخبرنا المنذر بن الجارود العبدي قال: لما قدم علي بن أبي طالب البصرة دخل مما يلي الطف فجاء إلى الراوية فخرجنا ننظر فمر بنا فارس على فرس أشهب عليه ثياب بيض وقلنسوة بيضاء متقلدا سيفا وبيده راية في ألف من الناس، فقلنا: من هذا؟ فقيل:
هذا أبو أيوب الأنصاري صاحب منزل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم مر بنا فارس على فرس أشقر عليه عمامة صفراء وثياب بيض متقلدا سيفا متنكبا قوسا في ألف من الناس، فقلنا: من هذا؟ قيل: خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين، ثم مر فارس آخر على فرس كميت متعمما بعمامة صفراء من تحتها قلنسوة بيضاء وعليه قباء أبيض مصقول متقلدا سيفا متنكبا قوسا في ألف، قلنا: من هذا؟ قيل: أبو قتادة الأنصاري، ثم مر بنا فارس آخر على فرس أشقر عليه ثياب بياض وعمامة سوداء قد أسدلها بين يديه ومن خلفه شديدة الأدمة متقلدا سيفا متنكبا قوسا في ألف من الناس، قلنا: من هذا؟ قيل:
عمار بن ياسر، ثم مر بنا فارس على فرس أشقر عليه ثياب بياض وقلنسوة بيضاء وعمامة صفراء متنكبا قوسا يخط الأرض برجليه سناط في ألف من الناس، قلنا: من هذا؟ قيل: قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري.
(٤٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 418 419 420 421 422 423 423 429 430 431 432 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مستدرك ترجمة الإمام على عليه السلام 3
2 مستدرك ألقابه عليه السلام وكناه الشريفة 32
3 مولد علي عليه السلام 33
4 تزويج أمير المؤمنين بفاطمة الزهراء عليهما السلام 41
5 حديث: علمني ألف باب يفتح من كل باب ألف باب 50
6 حديث: قسمت الحكمة عشرة أجزاء فأعطى على تسعة 57
7 كلام ابن عباس في علم علي عليه السلام 57
8 حديث: أنا مدينة العلم وعلي بابها 58
9 حديث: سلوني قبل أن تفقدوني 58
10 قول على عليه السلام: سلوني عن طرق السماوات فإني أعلم بها من طرق الأرض 68
11 جوابه عليه السلام لليهود 69
12 لأمير المؤمنين علم ظاهر كتاب الله وباطنه 70
13 أول من وضع علم النحو علي بن أبى طالب عليه السلام 77
14 علمه عليه السلام بالجفر 87
15 ما ورد أن أمير المؤمنين كان أفرض أهل المدينة وأقضاها 93
16 مستدرك أقضى الأمة علي عليه السلام 101
17 حديثه وحديث ابن عباس في ذلك 101
18 حديث جابر وأنس بن مالك 102
19 حديث عبد الله بن مسعود 103
20 قول عمر علي أقضانا 106
21 قصة زبية الأسد وقضاء علي عليه السلام 120
22 قضاؤه عليه السلام في الأرغفة 125
23 أمر علي عليه السلام الزوجين أن يبعثا حكما من أهلهما 129
24 من أقضيته عليه السلام 131
25 أول من فرق الخصوم علي عليه السلام 173
26 جلد شراحة يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة 173
27 قضاؤه في الخنثى المشكل سأله معاوية 174
28 قضاؤه في ثلاثة نفر وقعوا على امرأة ولدت 175
29 عدل علي عليه السلام في الحكومة 189
30 ما ورد في زهد أمير المؤمنين وعدله وإنفاقه في سبيل الله تعالى 212
31 من عدله أمره بكنس بيت المال ثم ينضحه ويصلى فيه ولم يحبس فيه المال عن المسلمين 250
32 زهد علي عليه السلام وعدله 255
33 عفوه عليه السلام وحلمه وصفحه عن عدوه 288
34 من عدله ما أوصاه في قاتله بإطعامه وسقيه والاحسان إليه وعدم التمثيل به 289
35 خوفه عليه السلام من الله تعالى 296
36 إنفاقه في سبيل الله تعالى 297
37 إعطاؤه عليه السلام حلة للسائل الذي كتب حاجته على الأرض بأمره 297
38 صدقات علي عليه السلام 301
39 شجاعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام 305
40 قتل أمير المؤمنين حية وهو في المهد صبي 338
41 مبيته علي فراش رسول الله صلى الله عليه وآله ليلة الهجرة 339
42 ان عليا كان معه راية رسول الله " ص " في بدر وأحد وغيرهما 341
43 ما ورد في شجاعته عليه السلام يوم بدر 344
44 ما ورد في شجاعته عليه السلام يوم أحد 351
45 لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي 357
46 ما ورد في شجاعته عليه السلام يوم الأحزاب 363
47 ما ورد في شجاعته يوم خيبر 374
48 ما ورد في شجاعته يوم حنين والطائف 396
49 شجاعته عليه السلام في بنى قريظة 399
50 شجاعته عليه السلام في حرب جمل 399
51 إخبار النبي " ص " لعلي عما يكون بينه وبين عائشة 403
52 قول النبي لأزواجه: أيتكن صاحبة الجمل تنبحها كلاب الحوأب 405
53 جعل رسول الله " ص " طلاق نسائه بيد علي في حياته وبعد مماته 412
54 إخفاء عائشة اسم أمير المؤمنين علي عليه السلام 414
55 قصة حرب الجمل 417
56 ما صدر من شجاعته عليه السلام يوم صفين 513
57 قتل مع علي بصفين من البدريين خمسة وعشرون بدريا 520
58 شجاعته عليه السلام يوم النهروان 523
59 الخوارج والأخبار الواردة فيهم عن النبي والوصي عليهما السلام 523
60 ذم الخوارج وسوء مذهبهم وإباحة قتالهم 536
61 إخباره عليه السلام عن الخوارج وعن ذي ثديتهم 537
62 اخبار النبي " ص " عن الخوارج المارقة 582
63 اخبار النبي " ص " عن شهادة علي عليه السلام 595
64 حديث أنس بن مالك 595
65 حديث أبى رافع 596
66 حديث جابر بن سمرة 597
67 اخباره عليه السلام عن شهادة نفسه 603
68 حديث محمد بن الحنفية 603
69 حديث فضالة بن أبى فضالة 604
70 حديث الأصبغ بن نباتة الحنظلي 606
71 حديث زيد بن وهب 609
72 حديث أبى مجلز وأبى الأسود 610
73 حديث أبى الطفيل 611
74 حديث نبل بنت بدر 613
75 حديث سالم بن أبى الجعد 614
76 حديث عبيدة وأم جعفر 615
77 حديث عثمان بن مغيرة 616
78 حديث كثير وروح بن أمية 617
79 حديث يزيد بن أمية الديلي 618
80 حديث عبد الله بن سبع 619
81 حديث ثعلبة بن يزيد الحماني 620
82 حديث والد خالد أبي حفص 620
83 ما روى جماعة مرسلا 621
84 استشهاد أمير المؤمنين بيد أشقى الناس ابن ملجم 624
85 قول علي عليه السلام: فزت ورب الكعبة 643
86 إن قاتل علي عليه السلام أشقى الأولين والآخرين وأشقى الناس 644
87 وصايا أمير المؤمنين حين رحلته إلى دار البقاء 653
88 تاريخ شهادته عليه السلام وسني عمره حين الشهادة 662
89 محل دفن جثمانه الشريف 667
90 حنوط علي من فضل حنوط رسول الله " ص " 673
91 قتل ابن ملجم اللعين 673
92 أزواجه عليه السلام 674
93 أولاده الأشراف السادة 678
94 بعض مراثيه عليه السلام 686