صادقة رجمته، وإن كنت كاذبة جلدتك حد القذف ثمانين جلدة، وأقيمت الصلاة، فقام علي كرم الله وجهه ليصلي، وفكرت المرأة، فلم تر لها فرجا في أن يرجم زوجها، ولا في أن تجلد فولت هاربة، ولم يسأل عنها.
وكان يقول: ما أضمر أحد شيئا إلا ظهر في فلتات لسانه وصفحات وجهه، لهذا كان في قضائه يحاور ويتأمل، وهو أول من فرق بين الشهود، واستمع لكل شاهد على حده، فاستطاع أن يتبين الحقيقة وأمن تأثير الشهود بعضهم على بعض.
من ذلك أن امرأة أتوا بها إلى علي كرم الله وجهه، وشهدوا عليها أنها بغت وكانت يتيمة رباها رجل كثير الغياب عن أهله وكان للرجل امرأة غيور.
فشبت اليتيمة وأصبحت حسناء فتانة، فخافت المرأة أن يتزوجها زوجها، فدعت نسوة من جاراتها أمسكن اليتيمة الحسناء فافتضت بكارتها بأصبعها، فلما عاد الزوج من غيبته، رمت الزوجة الغيور تلك اليتيمة بالفاحشة، واستشهدت بالنسوة اللاتي ساعدنها على أخذ عذرتها.
فسأل علي المرأة: ألك شهود؟ قالت: نعم هؤلاء جاراتي يشهدن بما أقول.
فأحضرهن علي وأحضر السيف، ودعا امرأة الرجل وحاورها طويلا فأصرت على قولها. فصرفها.
ودعا امرأة أخرى من الشهود فهددها إن لم تصدقه ليفعلن كذا وكذا. فقالت:
والله ما فعلت اليتيمة فاحشة، إلا أن زوجة الرجل رأت فيها جمالا وهيبة، فخافت فساد زوجها، فدعتنا، فأمسكنا لها بالفتاة حتى افتضتها بأصبعها. فألزم المرأة حد القذف، وألزم الرجل أن يطلقها، وزوجه اليتيمة المفترى عليها.
وجاءوا برجل إلى عمر بن الخطاب سأله جماعة من الناس: كيف أصبحت؟
فقال: أصبحت أحب الفتنة، وأكره الحق، وأصدق اليهود والنصارى، وأؤمن بما لم أره، وأقر بما لم يخلق. فأرسل عمر إلى علي رضي الله عنهما، فلما جاءه أخبره بمقالة الرجل.