ثلاثة نفر ادعوا ولد امرأة، فطلب علي من كل واحد منهم أن يدع الولد للآخر، فأبوا جميعا قال: أنتم شركاء مشاكسون وسأقرع بينكم فأيكم أصابته القرعة فهو له وعليه ثلثا الدية. فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، وقال: ما أعلم فيها إلا ما قاله علي.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا مع علي وجماعة من الصحابة فجاء خصمان فقال أحدهما: يا رسول الله إن لي حمارا، وإن لهذا بقرة، وإن بقرته قتلت حماري. فقال رجل من الحاضرين: لا ضمان على البهائم، فقال صلى الله عليه وسلم: اقض بينهما يا علي. فقال علي لهما: أكانا مرسلين أم مشدودين أم كان أحدهما مشدودا والثاني مرسلا؟ فقالا: كان الحمار مشدودا والبقرة مرسلة وصاحبها معها. فقال علي: على صاحب البقرة ضمان الحمار. أي تعويضه. فأقر رسول الله صلى الله عليه وسلم حكمه وأمضى قضاءه.
وكان صلى الله عليه وسلم ينصح الصحابة باستشارة علي كرم الله وجهه ويقول لهم: علي أقضاكم. من أجل ذلك حرص خلفاء الرسول على استفتائه.
وحين قاد خالد بن الوليد أحد جيوش الفتح المظفرة كتب إلى الخليفة أبي بكر:
وجدت في بعض ضواحي العرب رجلا ينكح كما تنكح المرأة فما عقابه؟ ولم يجد أبو بكر نصا في القرآن ولا في السنة عن جزاء هذه الجريمة فجمع نفرا من الصحابة فسألهم، وفيهم علي بن أبي طالب، وكان أشدهم يومئذ قولا، قال: إن هذا ذنب لم تعص به أمة من قبل إلا قوم لوط، فعمل بها ما قد عملتم فأحرقهم الله تعالى وأحرق ديارهم، أرى أن تحرقوه بالنار. فكتب أبو بكر إلى خالد: أحرقه بالنار.
وسئل عن فداء أسرى المسلمين الجرحى من أيدي المرتدين فقال: تفادي من كانت جراحاته بين يديه دون من كانت من ورائه، فإنه فار.
وفي الحق أن اجتهاده كان دائما في الأمور المشكلة والقضايا الصعبة.
من ذلك أن رجلا فر من رجل يريد قتله، فأمسكه له آخر حتى أدركه فقتله،