الحد، ثم قدم الخامس فعزره، فتحير أمير المؤمنين عمر وتحير الناس معه، فقال له:
يا أبا الحسن، خمسة نفر في قضية واحدة أقمت عليهم خمسة حدود وليس منها شئ يشبه الآخر. فقال الإمام كرم الله وجهه: أما الأول فكان ذميا خرج عن ذمته فلم يكن له حكم إلا السيف. وأما الثاني فرجل محصن فكان حده الرجم. وأما الثالث فغير محصن فحده الجلد. وأما الرابع فعبد فضربناه نصف الحد. وأما الخامس فمجنون مغلوب على عقله فعزرناه.
وقال في ص 188:
ومن أقضيته كرم الله وجهه ما يرويه الثقة من أن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه جئ إليه بسارق فقطعه، ثم جئ إليه به مرة ثانية فقطعه، ثم جئ به إليه مرة ثالثة فهم بقطعه، فقال له الإمام: لا تفعل يا أمير المؤمنين، فإنك قطعت يده ورجله، احبسه، فحبسه.
وقال في ص 189:
ومن أقضيته كرم الله وجهه ما رواه الصدق، من أنه جاء رجل إليه فأقر بالسرقة، فقال له: أتقرأ شيئا من القرآن؟ قال الرجل: نعم أقرأ سورة البقرة. قال الإمام: لقد وهبت يدك لسورة البقرة. قال الأشعث الكندي: أتعطل حدا من حدود الله يا أمير المؤمنين؟ قال: وما يدريك ما هذا؟ إن البينة إذا قامت فليس للأمير أن يعفوا، ولكن الرجل إذا أقر على نفسه فذاك إلى الإمام: إن شاء عفا وإن شاء قطع.
ومن أقضيته كرم الله وجهه ما يأثره الثقات عن الإمام جعفر الصادق رحمه الله، قال: بينا أمير المؤمنين علي في ملأ من أصحابه، إذ جاءه رجل فقال: إني أوقبت على غلام فجئت إليك أسألك أن تطهرني يا أمير المؤمنين. ولم تكد هذه الكلمات تواقع سمعه كرم الله وجهه حتى تغير لونه تغيرا يوحي إلى من يراه أنه نضو هم مقعد مقيم.