ثم قال ولاة الأمر منهم: هاتوا من نساء المسلمين من ينبش هذه القبور حتى نجدها فنصلي عليها ونزور قبرها، فبلغ ذلك الإمام علي، فخرج مغضبا قد احمرت عيناه ودرت أوداجه، وعليه قباؤه الأصفر الذي كان يلبسه في كل كريهة، وهو متكئ على سيفه ذي الفقار، حتى ورد البقيع فبادر إلى الناس النذير وقالوا: هذا علي بن أبي طالب قد أقبل كما ترونه يقسم بالله لئن حول من هذه القبور حجر ليضعن السيف على غابر الآخر فتلقاه بعضهم فقال له: ما لك يا أبا الحسن، والله لننبشن قبرها ولنصلين عليها، فضرب الإمام بيده إلى جوامع ثوبه، فهزه ثم ضرب به الأرض وقال: أما حقي فقد تركته مخافة أن يرتد الناس، وأما قبر فاطمة فوالله الذي نفس علي بيده لأن رمت وأصحابك شيئا من ذلك لأسقين الأرض من دمائكم، فإن شئت فأعرض. فتلقاه آخر فقال: يا أبا الحسن، بحق رسول الله وبحق من فوق العرش ألا خليت عنه، فإنا غير فاعلين شيئا تكرهه، فخلى عنه وتفرق الناس ولم يعودوا إلى ذلك.
(١٧١)