قالية لرجالكم، لفظتهم بعد أن عجمتهم، وشنأتهم بعد أن صبرتهم، فقبحا لفلول الحد، واللعب بعد الجد، وقرع الصفاة، وصدع القناة، وخطل الآراء، وزلل الأهواء، لبئسما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون لا جرم والله لقد قلدتهم ربقتها، وحملتهم أوبقتها، وشنت عليهم غارتها، فجدعا وعقرا وبعدا للقوم الظالمين.
ويحهم أنى زعزعوها عن رواسي الرسالة، وقواعد النبوة والدلالة، ومهبط الروح الأمين، والطبين بأمور الدنيا والدين، ألا ذلك هو الخسران المبين.
وما الذي نقموا من أبي الحسن، نقموا منه والله نكير سيفه، وقلة مبالاته بحتفه، وشدة وطأته، ونكال وقعته، وتنمره في ذات الله عز وجل. وتالله لو مالوا عن المحجة اللائحة وزالوا عن قبول الحجة الواضحة لردهم إليها وحملهم عليها وتالله لو تكافوا عن زمام نبذه إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولسار بهم سيرا سجحا لا يكلم خشته ولا يكل سائره ولا يميل راكبه، ولأوردهم منهلا نميرا صافيا رويا فضفاضا، تطفح ضفتاه، ولا يترنق جانباه، ولا صدرهم بطانا، ونصح لهم سرا وإعلانا، ولم يكن يتحلى عمن الغنى بطائل، ولا يحظى من الدنيا بنائل، غير ري الناهل، وشبعة الكافل، ولبان لهم الزاهد من الراغب والصادق من الكاذب (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون).
والذين ظلموه من هؤلاء سيصيبهم سيئات ما كسبوا وما هم بمعجزين.
ألا هلم فاستمع، وما عشت أراك الدهر عجبا، وإن تعجب فعجب قولهم ليت شعري إلى أي لجأ لجأوا، وإلى أي سناد استندوا، وعلى أي عماد اعتمدوا، وبأي عروة تمسكوا، وعلى أي ذرية قدموا واحتنكوا (لبئس المولى و لبئس العشير وبئس للظالمين بدلا).