" انقسم الناس بعد وفاة النبي أحزابا خمسة:
1 - حزب سعد بن عبادة رئيس الخزرج من الأنصار.
2 - حزب أبي بكر وعمر، ومعهما جل المهاجرين.
3 - حزب علي، ومعه بنو هاشم، وقليل من المهاجرين، وكثير من الأنصار الذين قالوا: لا نبايع إلا عليا كما جاء في تاريخ الطبري.
4 - حزب عثمان بن عفان من بني أمية ومن لف لفيفهم.
5 - حزب سعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن من بني زهرة.
ومال قسم كبير من الأنصار مع حزب أبي بكر وعمر، فقوي حزبهما، واضطر عثمان، وحزب ابن أبي وقاص أن يبايعوا أبا بكر، وبقي حزب علي هو المعارض الوحيد، وحاول أبو سفيان أن يستغل الموقف، ويساوم أبا بكر، فجاء إلى علي وقال:
بني هاشم لا تطمعوا الناس فيكم * ولا سيما تيم بن مرة أو عدي فما الأمر إلا فيكم وإليكم * وليس لها إلا أبو حسن علي أما والله لو شئتم يا بني هاشم لأملأنها عليهم خيلا ورجالا، فناداه علي ارجع يا أبا سفيان، فوالله ما تريد الله بما تقول، وما زلت تكيد للإسلام وأهله.
ولم سمع أبو بكر تهويش أبي سفيان أسند بعض الوظائف لولده، فرضي وسكت، بل دعا للخليفة بالتوفيق والنجاح.
واجتمع 12 رجلا من حزب علي، وتشاوروا بينهم في إنزال أبي بكر عن منبر الرسول، فقال قائل منهم: استشيروا عليا قبل أن تفعلوا، ولما استشاروه قال: لو فعلتم لأثرتم حربا، ولأتى إلي القوم، وقالوا: بايع، وإلا قتلناك.
لقد شعر حزب علي بالخيبة، وانتاب رجاله هزة عنيفة ارتعشت منها قلوبهم وأعصابهم، لصرف الحق عن أهله، والاستهتار بالدين، وأقوال سيد المرسلين، وإذا نهاهم الإمام عن حمل السلاح، وإعلان العصيان، ومجابهة الحاكم وجها لوجه فإن هناك سبيلا آخر لمناصرة الحق، وهو الدعاية له، والعمل على نشره في جميع الأوساط، ومختلف الطبقات. وهذا ما حصل بالفعل، فكانوا - أينما حلوا - يوجهون الناس إلى علي، ويحدثونهم عن فضائله، ومكانته عند الله والرسول، ويؤكدون حقه في الخلافة، ويركزون دعايتهم هذه على كتاب الله