إلى الله من صد عنهما فقد استمرت سيرتهم على الندب والعويل، وأمروا أوليائهم بإقامة مآتم الحزن، جيلا بعد جيل، فعن الصادق عليه السلام (فيما رواه ابن قولويه في الكامل، وابن شهرآشوب في المناقب وغيرهما) أن علي بن الحسين عليهما السلام، بكى على أبيه مدة حياته، وما وضع بين يديه طعام إلا بكى، ولا أتي بشراب إلا بكى، حتى قال له أحد مواليه: جعلت فداك، يا ابن رسول الله إني أخاف أن تكون من الهالكين، قال عليه السلام: * (إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون) * (1) [إني لم أذكر مصرع بني فاطمة إلا خنقتني العبرة]. (2) وروى ابن قولويه، وابن شهرآشوب أيضا، وغيرهما أنه لما كثر بكاؤه، قال له مولاه: أما آن لحزنك أن ينقضي؟
فقال له: ويحك، إن يعقوب النبي عليه السلام كان له اثنا عشر ولدا، فغيب الله واحدا منهم، فابيضت عيناه من كثرة بكائه، واحدودب ظهره من الغم، وابنه حي في الدنيا، وأنا نظرت إلى أبي وأخي وعمومتي وسبعة عشر من أهل بيتي مقتولين حولي، فكيف ينقضي حزني؟! (3) وعن الباقر عليه السلام قال: كان أبي (علي بن الحسين صلوات الله عليه) يقول: أيما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين بن علي عليه السلام دمعة حتى تسيل على خده، بوأه الله [بها] في الجنة غرفا يسكنها أحقابا.