المجالس الفاخرة في مصائب العترة الطاهرة - السيد شرف الدين - الصفحة ٢٣٦
المغفل (1) فاتفقا على المباهلة إلى الله تعالى: في أن يقتل المحق منهما المبطل، وتلاقيا، فقتله برير، ولم يزل يقاتل حتى قتل رحمه الله تعالى.
[قال]: وخرج وهب بن حباب الكلبي (2)، فأحسن في الجلاد، وبالغ في الجهاد، وكانت معه امرأته ووالدته فرجع إليهما وقال: يا أماه أرضيت أم لا؟
فقالت الأم: ما رضيت حتى تقتل بين يدي الحسين عليه السلام.
وقالت امرأته: بالله عليك لا تفجعني بنفسك.
فقالت له أمه: يا بني أعزب عن قول زوجتك وارجع فقاتل بين يدي ابن بنت نبيك تنل شفاعة جده يوم القيامة.
فرجع ولم يزل يقاتل حتى قطعت يداه، فأخذت امرأته عمودا وأقبلت نحوه وهي تقول: فداك أبي وأمي قاتل دون الطيبين حرم رسول الله صلى الله عليه وآله، فأقبل كي يردها إلى النساء، فأخذت بجانب ثوبه وقالت: لن أعود دون أن أموت معك.
فقال الحسين عليه السلام: (جزيتم من أهل بيت خيرا، ارجعي إلى النساء رحمك الله) فانصرفت إليهن.
ولم يزل الكلبي يقاتل حتى قتل رضوان الله عليه.
[قال]: ثم خرج مسلم بن عوسجة (3) رحمه الله فبالغ في قتال الأعداء،

(١) وقيل: يزيد بن معقل، وهو خبيث ملعون. أنظر: الملهوف: ١٦٠.
(٢) في ضياء العينين: ٣٥: وهب بن عبد الله بن حباب الكلبي، أمه قمري، وذكر الكثير من أخباره في واقعة الطف، أخذها من كتاب الملهوف: ١٦١.
(٣) مسلم بن عوسجة الأسدي، من أبطال العرب في صدر الإسلام، أول شهيد من أنصار الحسين بعد قتلى الحملة الأولى، كان شيخا كبير السن، وشخصية أسدية كبرى، وإحدى الشخصيات البارزة في الكوفة. وكان صحابيا ممن رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وروى عنه، كان رجلا شجاعا وجريئا شارك في الكثير من حروب المسلمين، وشهد مع علي عليه السلام كل غزواته.
كان في الكوفة يأخذ البيعة من الناس للحسين بن علي عليه السلام، وقد جعله مسلم بن عقيل حين ثار بالكوفة على رأس طائفة من مذحج وأسد، وكان ينهض بجمع المال والسلاح والأنصار.
وفي ليلة عاشوراء لما أوعز الإمام الحسين أن يتخذوا ظلام الليل جملا وينصرفوا وقف مسلم بن عوسجة موقفا جريئا وقام متكلما وقال: (والله لو علمت أني أقتل ثم أحيى ثم أحرق ثم أذرى، يفعل بي ذلك سبعين مرة ما تركتك فكيف وإنما هي قتلة واحدة ثم الكرامة إلى الأبد).
وكان ساعة البراز يرتجز:
إن تسألوا عني فإني ذو لبد * من فرع قوم في ذرى بني أسد فمن بغانا حايد عن الرشد * وكافر بدين جبار صمد وعند القتال لم يتجرأ أحد من الأعداء على مبارزته، فرضخوه بالحجارة ولما سقط على الأرض وكان به رمق مشى إليه الحسين عليه السلام وحبيب بن مظاهر، فدعا له الحسين وبشره بالجنة. ولما اقترب منه حبيب بن مظاهر قال له مسلم: أوصيك بهذا - وأشار إلى الحسين - فقاتل دونه حتى تموت.
أنظر: رجال الشيخ: ٨٠، تاريخ الطبري ٥: ٤٣٥، بحار الأنوار ٤٥: ٦٩، الأخبار الطوال: ٢٤٩، أنصار الحسين: 108، تسمية من قتل مع الحسين: 52 وفيه: مسلم بن عوسجة السعدي من بني سعد بن ثعلبة، قتله مسلم بن عبد الله وعبيد الله بن أبي خشكارة.
(٢٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 5
2 ترجمة المؤلف 7
3 ولادته ونشأته 7
4 دراسته العلمية 7
5 عودته إلى جبل عامل 8
6 أسفاره 9
7 مؤلفاته 10
8 وفاته ومدفنه 12
9 عملنا في الكتاب 13
10 المقدمة الزاهرة لكتاب المجالس الفاخرة 17
11 مقدمة المؤلف 19
12 المطلب الأول: في البكاء 21
13 المطلب الثاني: في رثاء الميت بالقريض 33
14 المطلب الثالث: في تلاوة الأحاديث المشتملة على مناقب الميت ومصائبه 45
15 المطلب الرابع: في الجلوس حزنا على الموتى من أهل الحفائظ والأيادي المشكورة 48
16 المطلب الخامس: في الانفاق عن الميت في وجوه البر والاحسان 51
17 فصل 53
18 فصل 87
19 المجالس الفاخرة في مآتم العترة الطاهرة 121
20 التعريف الكتاب 123
21 مقدمة الكتاب 127
22 المجلس الأول: في البكاء 128
23 المجلس الثاني: في الرثاء 138
24 المجلس الثالث: في تلاوة الأحاديث 149
25 المجلس الرابع: في الجلوس حزنا على الموتى 155
26 المجلس الخامس: في الانفاق صدقة عن الميت 161
27 * الفصل الأول فيما يتلى بتمامه صبيحة العاشر من المحرم، ويتلى مجالس متعددة في سائر أيام العشر، أو في باقي أيام السنة، فهو ليوم العاشر مجلس واحد، ولغيره اثنا عشر مجلسا 167
28 المجلس الأول 169
29 المجلس الثاني 176
30 المجلس الثالث 181
31 المجلس الرابع 185
32 المجلس الخامس 194
33 المجلس السادس 200
34 المجلس السابع 207
35 المجلس الثامن 212
36 المجلس التاسع 225
37 المجلس العاشر 230
38 المجلس الحادي عشر 234
39 المجلس الثاني عشر 240
40 الفصل الثاني في هدي النبي صلى الله عليه وآله وسيرته وذكر خصائصه المقدسة 251
41 المجلس الثالث عشر 253
42 المجلس الرابع عشر 259
43 المجلس الخامس عشر 263
44 المجلس السادس عشر 267
45 المجلس السابع عشر 272
46 المجلس الثامن عشر 277
47 المجلس التاسع عشر 280
48 المجلس العشرون 284
49 المجلس الحادي والعشرون 287
50 المجلس الثاني والعشرون 290
51 المجلس الثالث والعشرون 294
52 المجلس الرابع والعشرون 299
53 الفصل الثالث في سيرة أمير المؤمنين عليه السلام ومواعظه وارشاداته 303
54 المجلس الخامس والعشرون 305
55 المجلس السادس والعشرون 313
56 المجلس السابع والعشرون 316
57 المجلس الثامن والعشرون 321
58 المجلس التاسع والعشرون 324
59 المجلس الثلاثون 327
60 المجلس الحادي والثلاثون 330
61 المجلس الثاني والثلاثون 333
62 المجلس الثالث والثلاثون 339
63 المجلس الرابع والثلاثون 342