فقال: والله لا آتيك به، فلما كثر الكلام بينهما قام مسلم بن عمرو الباهلي (1) فقال: أصلح الله الأمير خلني وإياه حتى أكلمه.
فقام فخلى به ناحية وهما بحيث يراهما ابن زياد ويسمع كلامهما فبينما هما يتناجيان إذ رفعا أصواتهما. فقال الباهلي:
يا هاني أنشدك بالله لا تقتل نفسك، ولا تدخل البلاء على عشيرتك فوالله إني لأنفس بك عن القتل، إن هذا الرجل ابن عم القوم وليسوا قاتليه ولا ضائريه فادفعه إليهم فإنه ليس عليك بذلك مخزاة ولا منقصة وإنما تدفعه إلى السلطان.
فقال هاني: والله إن علي في ذلك الخزي والعار أن أدفع جاري وضيفي ورسول ابن رسول الله وأنا صحيح الساعدين كثير الأعوان، والله لو لم أكن إلا واحدا ليس لي ناصر لم أدفعه حتى أموت دونه، فأخذ يناشده وهو يقول:
والله لا أدفعه أبدا.
فسمع ابن زياد ذلك فقال: ادنوه مني فادني منه، فقال: والله لتأتيني به أو لأضربن عنقك.
فقال هاني: إذا تكثر البارقة حول دارك.
فقال ابن زياد: وا لهفاه عليك أبا البارقة تخوفني؟ وهاني يظن أن عشيرته يمنعونه، ثم قال: ادنوه مني فادني منه، فاستعرض وجهه بالقضيب فلم يزل يضرب أنفه وجبهته وخده حتى كسر أنفه وسال الدماء على ثيابه ونثر لحم خده وجبينه على لحيته الشريفة فانكسر القضيب.
وضرب هاني يده على قائم سيف شرطي فجاذبه ذلك الرجل، فصاح