مدة حياته، وما وضع بين يديه طعام إلا بكى ولا أوتي بشراب إلا بكى، حتى قال له بعض مواليه: جعلت فداك يا بن رسول الله، إني أخاف أن تكون من الهالكين.
قال عليه السلام: * (إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون) * (1). (2) وفي رواية أخرى قال: ويحك إن يعقوب عليه السلام كان له اثنا عشر ولدا فغيب الله واحدا منهم فابيضت عيناه من كثرة بكائه عليه، واحدودب ظهره من الغم وابنه حي في الدنيا، وأنا نظرت إلى أبي وأخي وعمومتي وسبعة عشر (3) من أهل بيتي مقتولين حولي.
وكان إذا أخذ إناء ليشرب بكى حتى يملأها دما، فقيل له في ذلك، فقال:
كيف لا أبكي وقد منع أبي الماء الذي كان مطلقا للسباع والوحوش...
وعن الصادق عليه السلام: البكاؤون خمسة: آدم بكى على الجنة، ويعقوب بكى على يوسف، ويوسف بكى على يعقوب، وفاطمة بكت على رسول الله صلى الله عليه وآله حتى قيل لها: آذيتنا بكثرة بكائك، وعلي بن الحسين بكى على أبيه حتى لحق بربه، وما وضع بين يديه طعام إلا بكى، وكان يقول: إني لم أذكر مصرع بني فاطمة إلا خنقتني لذلك العبرة.... (4) وقال الصادق عليه السلام: وكان جدي علي بن الحسين عليهما السلام إذا ذكره - يعني الحسين بأبي وأمي - بكى حتى يبكى لبكائه رحمة له من رآه [قال]:
وأن الملائكة الذين عند قبره ليبكون فيبكي لبكائهم كل من في الهواء والسماء،