وثالثها: ذكر قوله (صلى الله عليه وآله) " إن عليا مني وأنا منه " مقارنا للتأكيد ب " إن ".
ورابعها: قوله " وهو ولي كل مؤمن بعدي " فلعل وجه الأولين أن ظهور جلالة أمير المؤمنين (عليه السلام) ومدائحه المشهورة، كان كافيا في العلم بأنه لا يصدر منه قبيح، وعلى تقدير عدم علم بعضهم لضعف المدرك، فلا أقل من تجويز عدم القباحة، فلا وجه لجزمهم بصدور منكر منه، كما يدل تعبيرهم بقولهم " ألم تر إلى علي بن أبي طالب صنع كذا؟ " عليه ظاهرا، ولعل هذا الغضب والإنكار منه (صلى الله عليه وآله) لأن منشأ هذه الظنون: إما عداوة علي (عليه السلام) الدالة على النفاق كما يجئ، أو قلة مبالاتهم بما سمعوا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) في شأنه (عليه السلام) الناشئة من ضعف الإسلام.
ولعل وجه الأخيرين تأكيد ما ظهر منه (صلى الله عليه وآله) سابقا، لدلالتهما على صدور منكر منه أصلا، فلعله (صلى الله عليه وآله) استدل بكون علي (عليه السلام) منه وكونه (صلى الله عليه وآله) من علي (عليه السلام) على المناسبة التامة النافية لجواز المنكر والخطأ، تأكيدا للإنكار وتأسيسا لمنقبة زائدة على ما ظهر من منزلته (عليه السلام).
ويدل هذا الاختصاص على مزية لا يجوز معها تقدم أحد عليه، وعلى كونه صادقا في جميع الأقوال والأفعال التي منها دعوى الإمامة، كما يدل عليها تأخره عن البيعة مع اهتمامه التام في المسارعة إلى الخير.
وقريب منه في الدلالة على الأمر قوله (صلى الله عليه وآله) " وهو ولي كل مؤمن بعدي " مع مزيد، وهو أن الولاية هاهنا هي الأولوية بأمور المؤمنين، كما يدل عليه السياق.
ويمكن أن يستدل بهذا الخبر بعد ما ظهر من دلالته على صدق الأقوال والأفعال على تقدمه على عثمان بما ذكره في الشورى في مقام الاستدلال، فيدل على تقدمه على الكل لعدم القائل بالفصل، وبما ذكرته في شرح حديث الغدير والمنزلة لا نحتاج هاهنا إلى تفصيل زائد.