غير إذن أمير المؤمنين (عليه السلام)، وبعد ما عقدوا له يوم السقيفة لما ظهر لهم من أمير المؤمنين (عليه السلام) كراهة الأمر - كما نذكره إن شاء الله تعالى في مبحث إبطال إمامة أبي بكر وغيره - يجب التوبة عن إطاعة أبي بكر، وتفويض الأمر إلى أمير المؤمنين (عليه السلام).
وأمثال هذا الحصر كما يمكن اجراؤه لدفع توهم سابق يمكن اجراؤه لتأسيس حكم لاحق، فعدم كون إمامة الثلاثة حين نزول الآية لا ينافي دلالة الآية على الإمامة كما توهمت، وصرف الآية عن ظاهرها الذي هو الولاية في الحال لدليل، مع عدم احتماله في شأن الله ورسوله، لا يوجب صرفها عن ظاهرها فيما لا دليل عليه، مع أن كون ولايته (عليه السلام) بعد نزول الآية في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) عاما بالنسبة إلى جميع أمته ليس بعيدا أصلا.
والظاهر من السياق على تقدير حمل الآية على المحبة والنصرة أن يقال: بعد النهي عن تولي اليهود والنصارى لما كان مظنة أن يتوهم ولاية كل من أظهر الإسلام، دفع توهم ولاية المرتدين من أهل الإسلام بقوله * (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم) * (1) فلعله قال: من يرتد منكم عن دينه، فلا يعود ضرره إلا إليه، لأن الله تعالى يأتي بجماعة موصوفين بصفات شريفة يظهر بهم ما يجب إظهاره ويتم به الحجة تماما وافيا كاملا.
وهذه الصفات الشريفة إنما يظهر انطباقها على أمير المؤمنين (عليه السلام) وأصحابه، كما يظهر لمن تتبع سيرتهم وسيرة غيرهم، لأنه (عليه السلام) كان يسوي في العطاء ويجاهد الناكثين والمارقين والقاسطين، ويلام بترك سيرة السابقين في العطاء وبمجاهدة