الأولياء وبين محبة اليهود والنصارى ونصرتهما، فبآية الولاية ظهر مع تأسيس حكم الأولوية الحكم السابق وتعليله.
فإن قلت: ما تصنع بقرينة قوله تعالى * (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء) * (1) لبعد إرادة الأولى من الولي هاهنا.
قلت: هذا تعليل آخر للحكم الأول، بعدم مناسبة اتخاذ أهل الكتاب الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا محبين مثلا، مع مزيد تأسيس هذا الحكم في الكفار الذين هم غير أهل الكتاب، فظهر أن شيئا من السابقة واللاحقتين لا يأبى عن حمل الولي في الآية على معنى الأولى.
ومع ذلك نقول: على تقدير حمل الولي على المحب والناصر يمكن أن يقال: إن المراد من الولاية ليست المحبة والنصرة المطلقتين، بل المحبة الكاملة التي هي في شأن الله تعالى باعتبار الأثر الذي هو إعطاء أسباب المعرفة والإطاعة والألطاف اللايقة، والبيان المناسب بلا غاية عائدة إليه، وفي شأن رسوله والذين آمنوا، إما باعتبار الأثر الذي هو البيان والمعاونة المناسبة في الأمور النافعة بلا طلب أجر من الرعية، أو المحبة الكاملة المستلزمة للأثر أو كليهما.
وعلى التقادير يناسب الحصر المستفاد من الآية، فيجب أن يكون محبة الرعية إياهم على وجه يليق محبتهم الرعية، وظاهر أن هذه المحبة تكون باعثة على الإطاعة والانقياد، حتى أنه إن ترك أحد إطاعة حبيب شفيق يسلب عنه المحبة، ومنه نسبة عداوة الله إلى الكفار والفساق، وإذا كانت حال المحبة الناشئة عن المحبة المختصة ما عرفته، فلا يجوز ترك مقتضى محبته ونصرته، فلا يجوز لهم عقد الخلافة لأبي بكر من