إياهم، وكل الناس لهم مخالف وعليهم زار، فلم يستوحشوا لقلة عددهم، وتكذيب (1) الناس لهم، وإجماع قومهم عليهم، فهم أول من عبد الله في الأرض، وآمن بالله وبالرسول، وهم أولياؤه وعترته (2)، وأحق الناس بهذا الأمر من بعده، لا ينازعهم في ذلك إلا ظالم، وأنتم يا معشر الأنصار من لا ينكر فضلهم في الدين، ولا سابقتهم العظيمة في الإسلام، رضيكم الله أنصارا لدينه ورسوله، وجعل إليكم هجرته، وفيكم جلة الصحابة وأزواجه، وليس بعد المهاجرين الأولين عندنا بمنزلتكم، فنحن الأمراء وأنتم الوزراء، لا تفاتون بمشورة، ولا تقضى دونكم الأمور.
فقام إليه المنذر بن الحباب بن الجموح - هكذا روى الطبري، والذي رواه غيره أنه الحباب بن المنذر - فقال: يا معشر الأنصار أملكوا على أيديكم، فإن الناس في فيئكم وظلكم، ولن يجترئ مجترئ على خلافكم، ولن يصدر الناس إلا عن رأيكم، أنتم أهل العزة والثروة، وأولوا العدد والتجربة، وذووا البأس والنجدة، وإنما ينظر الناس إلى ما تصنعون، فلا تختلفوا فيفسد عليكم رأيكم، وتنتقض أموركم، إن أبى هؤلاء إلا ما سمعتم فمنا أمير ومنهم أمير.
فقال عمر بن الخطاب: هيهات لا يجتمع اثنان في قرن، إنه والله لا يرضى العرب أن يؤمروكم ونبيها من غيركم، ولكن العرب لا تمنع أن يولي أمورها من كانت النبوة فيهم، وولي أمورهم منهم، ولنا بذلك على من أبى من العرب الحجة الظاهرة، والسلطان المبين، من ذا ينازعنا سلطان محمد ونحن أولياؤه وعشيرته إلا مدل بباطل، أو متجانف لإثم، أو متورط في هلكة.
فقال الحباب بن المنذر: يا معشر الأنصار أملكوا على أيديكم، ولا تسمعوا