وروى في الفصل الثاني من كتاب الحج، من صحيح البخاري ومسلم، عن سعيد بن المسيب، قال: اجتمع علي وعثمان بعسفان، فكان عثمان ينهى عن المتعة أو العمرة، فقال علي (عليه السلام): ما تريد إلى أمر فعله النبي (صلى الله عليه وآله) تنهى الناس عنه؟ فقال عثمان له: دعنا عنك، قال: لا أستطيع أن أدعك، فلما رأى ذلك علي (عليه السلام) أهل بهما جميعا (1).
وروايات أخرى في هذا الفصل وبعده موافقة للرواية المذكورة، والروايتان مشتركتان في دلالتهما على عدم استحقاق الخلافة، لدلالة العقل على عدم صلاحية الجاهل للرئاسة العامة، خصوصا مع وجود العالم وشهادة القرآن عليه أيضا * (أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون) * (2) ومع ظهور شهادة العقل في قوله تعالى * (فما لكم كيف تحكمون) * دلالة عليها كما لا يخفى.
هل يجوز أحد من أهل الإنصاف والتميز استحقاق من يجترئ على الحكم بقتل النفس المحترمة بغير علم؟ مع حضور باب مدينة العلم، وإمكان الاستعلام منه لقضاء قرية من قرى أهل الإسلام، وظاهر أن هذا التجويز لا يجتمع مع التميز والإنصاف، فكيف يجوز إمامة هذا المجترئ؟ وهل هذا إلا عدم المبالاة بالشرع والدين؟
وفي الرواية الثاني دلالة على تعمده في ترك مراعاة قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما ظهر من فعل عمر أيضا هذا التعمد، لأنه لو كان غرض عثمان إطاعة الشرع لوجب إطاعة باب مدينة العلم فيما قال وإن لم يبين جهته، لدوران الحق معه.
وبعد بيان الجهة وهي فعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يكن لإعراض عثمان وقوله " دعنا