مناقب الشيخين يقول لهم: أرأيتم ما أحدث الناس بعدهما، شيدوا البنيان، ولبسوا الناعم، وركبوا الخيل، وأكلوا الطيبات، وكاد يفسد بأقواله الأمور، وشوش الأحوال، فاستدعاه من الشام، وكان إذا رأى عثمان قال: * (يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم) * فضربه عثمان بالسوط على ذلك تأديبا له، وللإمام ذلك بالنسبة إلى كل من أساء الأدب عليه، وإن أفضى ذلك التأديب إلى هلاكه، ثم قال له: إما أن تكف، وإما أن تخرج حيث شئت، فخرج إلى الربذة غير منفي ومات فيها (1) انتهى.
وقوله " إن صح " في قوله " ضرب ابن مسعود إن صح " إشارة إلى منعه كما منعه فضل بن روزبهان، وصاحب المغني منع ضرب ابن مسعود وطعنه على عثمان أيضا.
وأجاب السيد عن المنعين، وهو مشتمل على جواب قول شارح التجريد وابن روزبهان أيضا، وهو قوله: وأما ما حكاه عن أبي علي من أن ضرب ابن مسعود لم يصح، ولا طعن ابن مسعود عليه، وإنما كره جمع الناس على قراءة زيد، وإحراقه المصاحف، وأنه قيل: أن بعض موالي عثمان ضربه لما سمع منه الوقيعة في عثمان " فالمعلوم المروي خلافه، ولا يختلف أهل النقل في طعن ابن مسعود عليه وقوله فيه أشد القول وأعظمه، وذلك معلوم كالعلم بكل ما يدعى فيه الضرورة.
وقد روى كل من روى سيرة من أصحاب الحديث على اختلاف طرقهم أن ابن مسعود كان يقول: ليتني وعثمان برمل عالج يحثي علي وأحثي عليه حتى يموت الأعجز مني ومنه.
وقد روي عنه من طرق لا تحصى كثرة أنه كان يقول: ما يزن عثمان عند الله جناح ذباب. وتعاطي شرح ما روي عنه في هذا الباب يطول، وهو أظهر من أن