يجوز أن يكفره.
وحكى عن الخياط أن عثمان لما نقم عليه ضربه لعمار، احتج لنفسه فقال: جاءني سعد وعمار فأرسلا إلي أن ائتنا، فإنا نريد أن نذاكرك أشياء فعلتها، فأرسلت إليهما أني مشغول، فانصرفا فموعدكما يوم كذا، فانصرف سعد وأبى عمار أن ينصرف، فأعدت الرسول إليه، فأبى أن ينصرف، فتناوله بعض غلماني بغير أمري، ووالله ما أمرت به ولا رضيت، وها أنا فليقتص مني، قال: وهذا من أنصف قول وأعدله.
وحكى عن أبي علي في نفي أبي ذر إلى الربذة: أن الناس اختلفوا في أمره، فروي عنه أنه قيل لأبي ذر: أعثمان أنزلك الربذة؟ فقال: لا بل اخترت لنفسي ذلك.
وروي أن معاوية كتب يشكوه وهو بالشام، فكتب إليه عثمان: أن صيره إلى المدينة، فلما صار إليها قال: ما أخرجك إلى الشام؟ قال: لأني سمعت الرسول (صلى الله عليه وآله) يقول: إذا بلغت عمارة المدينة موضع كذا فاخرج عنها فلذلك خرجت، قال: فأي البلاد أحب إليك بعد الشام؟ فقال: الربذة، فقال: صر إليها.
فإذا تكفأت الأخبار لم يكن لهم في ذلك حجة، ولو ثبت ذلك لكان لا يمتنع أن يخرج إلى الربذة بصلاح يرجع إلى الدين، فلا يكون ظلما لأبي ذر، بل ربما يكون إشفاقا عليه وخوفا من أن يناله من بعض أهل المدينة مكروه، فقد روي أنه كان يغلظ في القول ويخشن في الكلام، ويقول: لم يبق من أصحاب الرسول (صلى الله عليه وآله) على ما عهد، وينفر عنهم بهذا القول، فرأى إخراجه أصلح لما يرجع إليهم وإليه من المصلحة وإلى الدين.
وقد روي عن زيد بن وهب قال: قلت لأبي ذر وهو بالربذة: ما أنزلك هذا المنزل؟ قال: أخبرك أني كنت بالشام في أيام معاوية وقد ذكرت هذه الآية * (الذين