المسجد من حصير، فصلى فيها ليالي حتى اجتمع إليه ناس، ثم فقدوا صوته ليلة وظنوا أنه قد نام، فجعل بعضهم يتنحنح ليخرج إليهم، فقال: ما زال بكم والذي رأيت من صنيعكم حتى خشيت أن يكتب عليكم، ولو كتبت عليكم ما قمتم به، فصلوا أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة.
وعن أبي هريرة، قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم فيه بعزيمة، فيقول: من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، فتوفي رسول الله (صلى الله عليه وآله) والأمر على ذلك، ثم كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر، وصدرا من خلافة عمر.
وعن أبي ذر قال: صمنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلم يقم بنا شيئا من الشهر حتى بقي سبع، فقام بنا حتى ذهب شطر من الليل، فقلت: يا رسول الله لو نفلتنا قيام هذه الليلة؟ فقال: إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف حسب له قيام ليلة، فلما كانت الرابعة لم يقم حتى بقي ثلث الليل، فلما كانت الثالثة جمع أهله ونساءه والناس، فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح - يعني: السحور - ثم لم يقم بنا بقية الشهر.
هذه الأخبار كلها في الصحاح، وهذا يدل على أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يصلي التراويح بالجماعة أحيانا، ولم يداوم عليها مخافة أن تفرض على المسلمين فلم يطيقوا، فلما انتفى هذه المخافة جمعهم عمر وصلى التراويح (1) انتهى.
ولعله ظن من قول زيد " فجعل يتنحنح ليخرج إليهم " أن انتظارهم الخروج ليصلوا جماعة مقتديا به (صلى الله عليه وآله).
وفيه أنه يمكن أن يكون انتظارهم الخروج ليصلوا ما يأمرهم به، أو ما يرونه يفعله لعدم علمهم بما يتعلق بهذه الليلة، وهذا ليس بعيدا، لأن كثيرا من الصحابة لا