وأوصاهم بثلاث، فقال: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم، وسكت عن الثالثة أو قال فنسيتها (1).
هكذا كان في جامع الأصول الذي نقلت الحديث منه، لكن نقل بعض أعاظم العلماء نور مرقده أبدا بعد قوله " لن تضلوا بعده " وقوله " قال عمر بن الخطاب: إن النبي (صلى الله عليه وآله) قد غلب عليه الوجع، وأن الرجل ليهجر وعندكم القرآن " والظاهر هذه النسخة، لأن فضل بن روزبهان مع نهاية اهتمامه في توجيه أفعالهم بقدح سند النقل والتأويل، لم ينكر هذا اللفظ من عمر لغاية انتشاره وفضيحة إنكاره.
وفي هذا الكلام أنواع القباحة والشناعة، وخروج القائل به عن استحقاق الإمامة والخلافة، بل من اعتبار قوله في أدنى مراتب الشهادة:
منها: نسبة الهذيان إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد قوله " قد غلب عليه الوجع " ولما كانت غلبة الوجع قد تصير سببا للهذيان لبعض الناس، فجوز بحسب الظاهر صيرورة وجعه (صلى الله عليه وآله) سببا للهذيان، حتى لا يكون لكلامه (صلى الله عليه وآله) في ذلك الوقت وكتابته اعتبار، وهذا من غاية جهله بمرتبة رسول الله (صلى الله عليه وآله) لظهور عدم انعزال رسول الله (صلى الله عليه وآله) بسبب الأمراض والأوجاع، فقوله (صلى الله عليه وآله) في الصحة والمرض واحد.
ومنها: أنه مع عدم احتمال الهذيان في حقه (صلى الله عليه وآله) لم ينقلوا بعنوان الكذب والافتراء ما يدل على كون كلامه (صلى الله عليه وآله) صادرا عنه (صلى الله عليه وآله) من غير قصد، ولم ينقلوا لنسبة هذا إليه سببا إلا الوجع، فإن جاز صدور القول من غير قصد للوجع، فلم تمسكوا بما رووه عن عائشة من أمر أبي بكر بالصلاة، ولم لم يجوزوا لو فرض صدقها في الخبر كون كلامه (صلى الله عليه وآله) من غير قصد؟ ولم يجعلوا خروجه (صلى الله عليه وآله) بعد اطلاعه (صلى الله عليه وآله) على صلاة أبي بكر قرينة عليه؟ وهذا بعنوان الالزام عليهم، وإلا أي مؤمن يجوز أن