في عدم التخلف، فلا وجه لنفي تلك المصلحة بالخيالات الفاسدة التي لا معنى لها أصلا. وبما ذكرته ظهر أن أمر الجهاد لو كان من الأمور التي فيها الاجتهاد من رسول الله (صلى الله عليه وآله) لكان ما فعله (صلى الله عليه وآله) دالا على علمه (صلى الله عليه وآله) بأن في خروجهما من المدينة مصلحة الإسلام.
ذكر ابن أبي الحديد في ضمن نقل كلام السيد المرتضى طاب ثراه على صاحب المغني وجوابه من جانب صاحب المغني على السيد. أما قوله أي حاجة كان لأبي بكر إلى عمر بعد وقوع البيعة، ولم يكن هناك تنازع ولا اختلاف، فعجيب وهل كان لولا مقام عمر وحضوره في تلك المقامات يتم لأبي بكر أو ينتظم له حال، ولولا عمر لما بايع علي والزبير ولا أكثر الأنصار، والأمر في هذا أظهر من كل ظاهر انتهى.
تكلم بالصواب الذي يقتضي بطلان إمامة أبي بكر غفلة منه عن المقتضي، لأنه لو كان الدليل على إمامة أبي بكر حقا لما خفي على أمير المؤمنين (عليه السلام) ولما امتنع (عليه السلام) عنها ولا أحد ممن عاون أبا بكر حاضرا، كما هو ظاهر من جلالته (عليه السلام) وغاية انقياده للحق، فعدم بيعته (عليه السلام) فقط على تقدير عدم عمر دليل على كونه (عليه السلام) مجبورا على البيعة بالفظاظة والغلبة اللتين لم تتما بدون عمر، فأي حجية بمثل هذه البيعة؟
ومراد السيد من عدم الحاجة إلى عمر عدم حاجته إليه على قانون كثير من أهل السند الذين منهم صاحب المغني، لأنهم يقولون بأنه وقع الاجماع من الصحابة بحسب الرضا، لوجدانهم أبا بكر أهلا للإمامة لا بعنوان الجبر والتعدي، وتأخر من تأخر لم يكن للامتناع والكراهية، بل كان لعدم تكليفهم بالبيعة، وإلا فلا امتناع لهم عن الواجب.
فعلى هذا مراد السيد بانعقاد البيعة انعقاد ما يعتبر عندهم في الإمامة ويحتاج إليه في تشييد أمرها، لأنه لم يبق عندهم إلا الاحتياج إلى الإظهار، وذلك لم يتوقف على عمر، وحينئذ لا وجه لما ذكره ابن أبي الحديد لهم، بل يظهر منه غاية القباحة