بيعته زلة يدل على بطلان إمامة أبي بكر، وببطلانها يبطل إمامة الفرعين.
اعلم أن صاحب المغني بعد تفسير الفلتة هاهنا بمعنى الفجأة والبغتة، واستشهاده بأنه قد تستعمل الفلتة بهذا المعنى بما استشهد، قال: فأراد عمر على هذا أن بيعة أبي بكر تداركوها بعد ما كادت تفوت، وقوله " وقى الله شرها " دليل على التصويب، لأن المراد بذلك أنه تعالى دفع شر الاختلاف فيها، فأما قوله " فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه " فالمراد من عاد إلى مثلها من غير مشاورة ولا عذر ولا ضرورة، ثم بسط يده على المسلمين ليدخلهم في البيعة قهرا فاقتلوه، وإذا احتمل ذلك وجب حمله عليه (1) انتهى.
فيه مواضع نظر، أحدها: أنه إرادة أن بيعة أبي بكر تداركوها بعد ما كادت تفوت من اللفظ لا وجه لها.
وثانيها: أن قوله " وقى الله شرها " لا يدل على التصويب، ولعل مقصوده أن مثل هذه البيعة التي تكون بغتة قد يتبعها شر الاختلاف والقتل، أو عدم تحقق الاجماع، وهذه البيعة وإن كانت بغتة لكن انتظم الأمر من غير مقاتلة بين المسلمين، أو بتحقق الاجماع، كما يظنون تحققه لا بحسب الأمر، لأنه بعد تحقق السلطنة لا اعتبار بالسكوت ولا الاتفاق بحسب القول، كما ظهر لك من المقدمة.
وثالثها: أن قوله " فالمراد من عاد إلى مثلها " إلى قوله " فاقتلوه " يشتمل على تقييد زائد بلا قرينة.
ورابعها: أن قوله " وجب حمله عليه " إنما يصح بعد احتمال العبارة لو علم أن عمر كان معتقدا بوقوع البيعة على وجه شرعي، وهو غير مسلم. ومع ما ظهر لك من ضعف كلام القاضي القرينة شاهدة على كون المراد من الفلتة الزلة، ووضوح