المسلك في أصول الدين - المحقق الحلي - الصفحة ٦٩
علة مشتركة بينهما، ولا مشترك إلا الوجود أو الحدوث، لكن الحدوث يزيد على الوجود بقيد عدمي، والعدم لا يصلح للعلية، فتعين الوجود. وإذا كان الوجود علة لصحة الرؤية، والبارئ موجود، فيجب أن يصح رؤيته عملا بالعلية.
وأما المنقول: فقوله تعالى: (وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة) (62).
وقوله - عليه السلام -: ترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة تمامه لا تضامون في رؤيته. (63) والجواب عن ما ذكروه أولا: أن نقول: لا نسلم أنه يجب تعليل صحة الرؤية لعلة مشتركة، بل لم لا يجوز أن يكون صحة الرؤية في كل واحد منهما لعلة مختصة به، لأن صحة الرؤية حكم، والحقائق المختلفة يجوز اشتراكها في بعض الأحكام المتفقة. سلمنا أنه لا بد من علة مشتركة، لكن لا نسلم الحصر، سلمنا الحصر سلمنا الحصر وأن العلة هي الوجود، ولكن لم لا يجوز أن يكون تأثيرها مشروطا بشرط، وهو كون المرئي مقابلا لحاسة (64) الرائي أو في حكم

(62) سورة القيامة، الآية: 22 - 23.
(63) روى البخاري في صحيحه 6 / 173 عن جرير بن عبد الله، قال: كنا جلوسا ليلة مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فنظر إلى القمر ليلة أربع عشرة، فقال: إنكم سترون ربكم كما ترون هذا لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا ثم قرأ: (وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب).
وفي عمدة القارئ 5 / 42 نقلت هذه الرواية وغيرها فراجع.
ولا تضامون روي بضم التاء وبتخفيف الميم من الضيم وهو التعب.
(64) هنا كلمة لا تقرأ فاحتملنا أن تكون " لحاسة " فأثبتناها هكذا.
(٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 75 ... » »»
الفهرست