المسلك في أصول الدين - المحقق الحلي - الصفحة ٧٠
المقابل، والحكم كما يتوقف على علته، يتوقف على شرط التأثير. سلمنا ذلك، لكن لا نسلم أن البارئ قابل لصحة الرؤية، والحكم كما يتوقف على علته يتوقف على قبول المحل له.
ثم ولو صح ذلك، للزم أن يكون البارئ حالا في المحل، لأن السواد والبياض يشتركان في الحلول، فلو علل بأمر مشترك هو الوجود، للزم أن يكون البارئ حالا بعين ما ذكرتموه.
والجواب عن الآية أن نقول: لا نسلم أن النظر يفيد الرؤية، إذ حقيقته في الوضع اللغوي تقليب الحدقة الصحيحة نحو المرئي طلبا لرؤيته (65)، ولذلك يقال: نظرت إلى الهلال فلم أره، ولو كان مفيدا للرؤية لما صح سلب الرؤية معه، وإذا لم تكن الحقيقة مرادة وجب صرفه إلى المجاز، وهو التوقع والرجا لمنافع الغير، كما يقال: أنا ناظر إليك، أي راج لك (66) خصوصا وقد نسب النظر إلى الوجه لا إلى العين.
وأما الخبر فمن أضعف أخبار الآحاد، فلا يصار إليه في مسائل الاعتقاد، وقد طعن فيه أصحاب الحديث بوجوه كثيرة من الطعن، مذكورة في مظانها (67).

(٦٥) في الصحاح: النظر: تأمل الشئ بالعين. وقال الراغب في المفردات: النظر:
تقليب البصر والبصيرة لإدراك الشئ ورؤيته... وفي أقرب الموارد: نظره وإليه نظرا: أبصره وتأمله بعينه، ومد طرفه إليه رآه أو لم يره.
(٦٦) قال الزمخشري في أساس البلاغة: وسيد منظور: يرجى فضله، وأنا أنظر إلى الله ثم إليك، معناه أتوقع فضل الله ثم فضلك. وسمعت صبية سروية بمكة تقول: عيينتي نويظرة إلى الله وإليكم.
(٦٧) راجع تنزيه الأنبياء للشريف المرتضى ص ١٣٣ ففيه بيان كون الخبر مطعونا عليه وراويه مقدوحا. ونقل السيد شرف الدين - ره - في رسالته: " كلمة حول الرؤية " حديثين من أحاديث الرؤية من البخاري ومسلم، ثم قال: هذان الحديثان باطلان من حيث سنديهما ومن حيث متنيهما... على أن هذين الحديثين وسائر الأحاديث التي تشبث بها القائلون بالرؤية، لو فرضنا صحتها متنا وسندا، لا تخرج بالصحة عن كونها من الآحاد، وخبر الواحد مع صحته إنما يكون حجة في الفروع لا في العقائد، كما هو مقرر في أصول الفقه مفروغ عنه، لأن غاية ما يحصل منه الظن، والمسألة التي هي محل البحث ليست بفرعية لنرتب الأثر فيها على الخبر الواحد الصحيح وإن كان ظنيا. بل نرتب الأثر عليه وإن لم يفدنا الظن تعبدا بتصديق العدل... وإنما المسألة عقيدة، والعقيدة لا تحصل من الآحاد، بل لا تحصل في مسألتنا هذه حتى من التواتر، شأن كل ممتنع عقلا، إذ لو فرض حصول التواتر فيها لوجب تأويله أو رد العلم بالمراد منه إلى الله تعالى كما لا يخفى.
راجع الرسالة ص ٨٤ طبع صيدا.
(٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 65 66 67 68 69 70 71 72 73 75 77 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 حياة المحقق الحلي 5
2 ولادته 5
3 اسمه وكنيته ولقبه ونسبه 5
4 أبوه وجده 5
5 الثناء عليه 6
6 بعض مشايخه 15
7 بعض تلامذته 16
8 تأليفاته 17
9 وفاته 18
10 نسخ هذين الكتابين 19
11 مقدمة المؤلف 33
12 النظر الأول: في التوحيد 37
13 المطلب الأول: في اثبات العلم بالصانع 39
14 المطلب الثاني: في ما يوصف به سبحانه من الصفات الثبوتية 42
15 القسم الأول من الصفات وهو على أربعة أوصاف 42
16 الوصف الأول 42
17 الوصف الثاني 44
18 الوصف الثالث 45
19 الوصف الرابع 45
20 القسم الثاني من الصفات 47
21 القسم الثالث 51
22 المطلب الثالث: في ما ينفى عنه من الصفات 54
23 من لواحق الكلام في الصفات 72
24 النظر الثاني: في أفعاله سبحانه وتعالى 77
25 البحث الأول: في أنا فاعلون خلافا للأشاعرة والكلابية 78
26 البحث الثاني: في الحسن والقبح العقلي 85
27 البحث الثالث: في أنه تعالى لا يفعل القبيح ولا يخل بالواجب 88
28 البحث الرابع: في فروع العدل وفيه أربعة مطالب 92
29 المطلب الأول: في التكليف 92
30 المقام الأول: في حسنه 93
31 المقام الثاني: في ما يتناوله التكليف 95
32 المقام الثالث: في الألطاف 100
33 المطلب الثاني: الكلام الآلام والأعواض 104
34 فائدة 105
35 المطلب الثالث: في الآجال والأرزاق والأسعار 111
36 المطلب الرابع: في الوعد والوعيد 115
37 المقصد الأول: المطيع يستحق بطاعته الثواب 117
38 المقصد الثاني: في ما يسقط المستحق من العقاب 122
39 المقصد الثالث: في إيصال المستحق وفيه بحثان 130
40 البحث الأول 131
41 المقام الأول: هل الفناء معنى يضاد الجواهر؟ 131
42 المقام الثاني: في كيفية الفناء 132
43 البحث الثاني: في كيفية الإعادة وفيه فصلان 135
44 الفصل الأول: الكلام في عذاب القبر والميزان والصراط 138
45 الفصل الثاني: في عقاب الفاسق وما يطلق عليه من الأسماء 142
46 النظر الثالث: في النبوات 153
47 البحث الأول: النبي هو البشري المخبر عن الله تعالى 153
48 البحث الثاني: في صفات النبي 154
49 البحث الثالث: في ما يستدل به على صدق مدعى النبوة 161
50 المطلوب من هذا الباب 172
51 وأما المعجزات المنقولة التي هي سوى القرآن فكثيرة 176
52 النظر الرابع: في الإمامة 187
53 البحث الأول: في حقيقة الإمامة ووجوبها 187
54 البحث الثاني: في صفات الإمام 198
55 البحث الثالث: في الطريق إلى تعيين الإمام 210
56 المقصد الأول: في تعيين الإمام بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم 214
57 الدليل الأول 215
58 الدليل الثاني 219
59 الدليل الثالث 220
60 الدليل الرابع 221
61 الدليل الخامس 241
62 أدلة أخرى على إمامة علي - عليه السلام - 248
63 رد الأدلة التي أقاموها لإمامة أبي بكر 252
64 تفضيل علي - عليه السلام - 263
65 رد تفضيل أبي بكر 270
66 المقصد الثاني: في الدلالة على إثبات (إمامة) الأئمة بعد علي - عليه السلام - 272
67 المقصد الثالث: في مباحث متعلقة بالغيبة 276
68 المقصد الرابع: يشتمل على مباحث 285
69 البحث الأول: الملائكة معصومون 285
70 البحث الثاني: فاطمة - عليها السلام - معصومة 286
71 البحث الثالث: الباغي على علي - عليه السلام - 287
72 البحث الرابع: الأنبياء أفضل من الملائكة 288
73 الرسالة الماتعية 291
74 الفصل الأول: في معرفة الله تعالى 294
75 الفصل الثاني: في أنه تعالى حكيم لا يفعل قبيحا ولا يخل بواجب 299
76 الفصل الثالث: في النبوة 303
77 الفصل الرابع: في الإمامة 306