يتصف بها إلا به لزم الدور بتقدير أن يكون فاعلا له بالاختيار. وبتقدير أن يكون على سبيل الإيجاب، فإن قام بذاته لزم التركيب، وإن كان خارجا عن ذاته وكان لا في محل لم يكن بأن يوجب له الحكم بأولى من غيره، فلو أوجب له الحكم لزم الترجيح من غير مرجح، وإن كان في محل حي، وجب رجوع حكمه إلى المحل، ولا يجوز أن يكون في جماد إذ الضرورة قاضية باستحالة حصول القدرة في الجماد، ولا معنى للقدرة إلا ما يوجب كون القادر قادرا، وإذا كان اتصافه سبحانه بها لغيره يؤدي إلى هذه الأقسام الفاسدة وجب أن يكون فاسدا.
وأما كونه موجودا فقد بينا أنه عبارة عن نفس حقيقته المقدسة. بقي علينا أن نبين أنها واجبة بحيث يستحيل أن نفرض عدمها.
والدليل على ذلك، أنه لو لم يكن واجب الوجود لكان ممكنا، لكن هذا محال، لأنه يفتقر إلى مؤثر، ثم الكلام فيه كما في الأول، فيلزم إما التسلسل، أو الدور، أو الانتهاء إلى واجب بذاته وهو المطلوب.
والدليل على بطلان التسلسل، أنه فلو تسلسلت العلل والمعلولات، لكان إما أن يكون بعضها علة لبعض، وإما أن لا يكون معلولة، وإما أن يكون معلولة لغيرها، ويلزم من الأول الدور (31)، ومن الثاني خروجها عن كونها ممكنة مع فرضها كذلك، ومن الثالث انتهاؤها إلى الواجب، لأن الخارج عن الممكنات واجب، وإلا لكان داخلا فيها، وقد فرض خارجا، هذا خلف.
وأما بطلان الدور، فلأنه لو جاز أن يكون الأثر علة في مؤثره لزم أن