إلى نقلها، وكل ما توفرت دواعي الطباع إليه لا بد أن يحصل إذا ارتفعت الموانع. والثاني: لو حصلت المعارضة لكانت المعارضة هي الحجة، والقرآن هو الشبهة، والمعتني بنقل الشبهة أولى بنقل الحجة. والثالث: لو فرضنا أن المسلمين اعتنوا بإخفائها لنقلها غيرهم، لأنه كان من المشركين ومخالف الإسلام من (57) هو خارج عن طاعته خلق كثير يزيد عددهم عن حد التواتر، فلو حصلت المعارضة لنقلها أولئك لا محالة.
قوله: (لم لا يجوز أن يكون المعارضة نقلت ثم لم يتصل بنا) قلنا: قد بينا أن الدواعي متعلقة بنقلها في كل طبقة على سواء، فلو نقلت في طبقة لنقلت في أخرى: لاستواء الطبقات في الباعث على النقل.
قوله: (المعارضة نقلت عن كثير) قلنا: لم يتصل بنا إلا ما ننزه ألسنتنا عن ذكره، وهو بالخرافات أشبه منه بالمعارضات، وأي عاقل يناسب ما نقل عن مسيلمة (58) وأشباهه من أرباب السجع بالقرآن العزيز، مع ظهور التفاوت العظيم، وهذا بين لمن تدبره.
وأما أن ذلك مطابق لدعواه - عليه السلام - فظاهر أيضا لأنه تحدى العرب به ونطق القرآن العزيز بذلك بقوله: (فأتوا بعشر سور مثله مفتريات) (59) ثم اقتصر على سورة واحدة في التحدي بقوله: (فأتوا بسورة من مثله) (60)