لها، ولهذا تعذر - على فصاحتهم - (53) المعارضة له، مع التحدي الظاهر، فلو قدروا على الإتيان بمثله، لما عدلوا إلى المحاربة وتحمل المشاق المفضية إلى احتياج الأنفس والأموال. وتحقيق هذا الفعل (54) أنه لو كان في طاقتهم الإتيان بمثله، لوجب أن يأتوا به لأن الدواعي متوفرة إلى المعارضة، والداعي إذا صفا عن معارضة الصارف وجب الفعل، فعدم الفعل مع تحقق الداعي خالصا عن الصوارف دليل على التعذر.
فإن قيل: لا نسلم أنهم عجزوا عن المعارضة، ولا نسلم أن دواعيهم إلى المعارضة خلصت عن الصوارف، لأنه من المحتمل أن يكونوا لم يحتفظوا (لم يلتفتوا) لمعارضته، ظنا أن الاندفاع يحصل بدون ذلك، أو لأنهم لم يتسع لهم وقت يتفرغون فيه لمعارضته، أو لأنهم علموا أن المعارضة لا تغني عن المحاربة، فاقتصروا على الغاية. سلمنا أن الداعي حصل، ولكن لم لا يجوز أن المعارضة وقعت ولم تنقل إما لغلبة شوكة الإسلام، وإما لحصول القوة في سهم السعادة المقتضي لحصول الفلج وقت المنازعة، (55) وإما لكثرة مساعد اعتنى بإخفاء المعارضة. سلمنا ذلك، لكن لم لا يجوز أن يكون نقلت المعارضة في الطبقة الأولى ثم لم يتصل النقل لاستيلاء سلطان الإسلام بالغلبة الحاسمة لأطماع الناقل. سلمنا ذلك لكن المعارضة قد نقلت عن كثير من الناس. غاية ما في الباب أن يقال تلك المعارضات قاصرة عن رتبة فصاحة القرآن، لكن التفاوت اليسير بين الأفعال ليس بخرق للعادة، فإن