القوم، أو الديبوب هو الجامع بين الرجال والنساء فيعول من الدبيب، لأنه يدب بينهم ويستخفي، وبالمعنيين فسر قوله صلى الله عليه وسلم " لا يدخل الجنة ديبوب ولا قلاع " ويقال: إن عقاربه تدب إذا كان يسعى بالنمائم (1)، قال الأزهري: أنشدني المنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابي:
لنا عز ومرمانا قريب * ومولى لا يدب مع القراد [قال: مرمانا قريب] (2) هؤلاء عنزة، يقول: إن رأينا منكم ما نكره انتمينا إلى بني أسد، وقوله يدب مع القراد هو الرجل يأتي بشنة فيها قردان فيشدها في ذنب البعير فإذا عضه منها قراد نفر فنفرت الإبل فإذا نفرت استل منها بعيرا، يقال للص السلال: هو يدب مع القراد، وكل ماش على الأرض: دابة ودبيب.
والدابة اسم ما دب من الحيوان مميزه وغير مميزه (3)، وفي التنزيل العزيز: " والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه " (4) ولما كان لما يعقل ولما لا يعقل قيل " فمنهم " ولو كان لما لا يعقل لقيل فمنها أو فمنهن، ثم قال: من يمشي على بطنه، وإن كان أصلها لما لا يعقل لأنه لما خلط الجماعة فقال منهم جعلت العبارة بمن، والمعنى كل نفس دابة، وقوله عز وجل " ما ترك على ظهرها من دابة " (5) قيل: من دابة من الإنس والجن وكل ما يعقل، وقيل إنما أراد العموم، يدل على ذلك قول ابن عباس " كاد الجعل يهلك في جحره بذنب ابن آدم ".
والدابة: التي تركب وقد غلب هذا الاسم على ما يركب من الدواب، وهو يقع على المذكر والمؤنث، وحقيقته الصفة، وذكر عن رؤبة أنه كان يقول: قرب ذلك الدابة. لبرذون له، ونظيره من المحمول على المعنى قولهم: هذا شاة، قال الخليل: ومثله قوله تعالى: " هذا رحمة من ربي " (6) وتصغير الدابة دويبة، الياء ساكنة، وفيها إشمام من الكسر، وكذلك ياء التصغير إذا جاء بعدها حرف مثقل في كل شيء ودابة الأرض من أحد (7) أشراط الساعة أو أولها كما روى عن ابن عباس (8) قيل: إنها دابة طولها ستون ذراعا، ذات قوام (9) ووبر، وقيل هي مختلفة الخلقة، تشبه عدة من الحيوانات تخرج بمكة من جبل الصفا ينصدع لها ليلة جمع والناس سائرون إلى منى، أو من أرض الطائف، أو أنها تخرج بثلاثة (10) أمكنة ثلاث مرات كما ورد أيضا، وأنها تنكت في وجه الكافر نكتة سوداء، وفي وجه المؤمن نكتة بيضاء، فتفشو نكتة الكافر حتى يسود منها وجهه أجمع، وتفشو نكتة المؤمن حتى يبيض منها وجهه أجمع، فيجتمع الجماعة على المائدة فيعرف المؤمن من الكافر، ويقال إن معها عصا موسى وخاتم سليمان عليهما الصلاة والسلام، تضرب المؤمن بالعصا (11) وتطبع وجه الكافر بالخاتم فينتقش فيه: هذا كافر.
وقولهم: أكذب من دب ودرج أي أكذب الأحياء والأموات، فدب: مشى، ودرج: مات وانقرض عقبه.
وأدببته أي الصبي: حملته على الدبيب.
وأدببت البلاد: ملأتها عدلا فدب أهلها لما لبسوه من أمنه واستشعروه من بركته ويمنه، قال كثير:
بلوه فأعطوه المقادة بعد ما * أدب البلاد سهلها وجبالها وما بالدار دبي، بالضم ويكسر، أي ما بها أحد، قال الكسائي، هو من دببت، أي ليس فيها من يدب، وكذلك: ما بها (12) دعوي ودوري وطوري (13)، لا يتكلم بها إلا في الجحد.